احتضن المركز الثقافي السواكن فعاليات المهرجان الاحتفالي بالذكرى 432 لمعركة وادي المخازن بحضور وفد هام من قيادة حزب الاستقلال تضمن الأساتذة عبد الواحد الفاسي وشيبة ماء العينين وأحمد خليل بوستة وعبد الله البقالي أعضاء اللجنة التنفيذية وحميد شباط الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب وعضو اللجنة التنفيذية وعبد القادر الكيحل الكاتب العام للشبيبة الاستقلالية وعضو اللجنة التنفيذية. وأشاد عبد السلام بنقاسم عضو المجلس الوطني بقرار حزب الاستقلال الاحتفال بهذه الذكرى في مكان وقوع المعركة بجماعة السواكن لما لذلك من دلالة عميقة في مقدمتها رد الاعتبار للمنطقة ولساكنتها، وهو ما يجسد الارتباط الوثيق والاهتمام البالغ بالأحداث التاريخية وأمكنتها، ويترجم هذا الاهتمام الحضور الوازن لقيادة حزب الاستقلال في تجاوب مستمر مع إرادة الزعيم علال الفاسي الذي دأب على إحياء هذه الذكرى منذ سنة 1957. وفي الاتجاه نفسه عبر بوسلهام المولات كاتب فرع حزب الاستقلال بجماعة السواكن عن اعتزاز سكان جماعة السواكن باحتضان هذا المهرجان إثر تجاوب حزب الاستقلال مع مطلب الساكنة المحلية لإحياء ذكرى وادي المخازن بمكان وقوعها. وأبرز حسن عامر مفتش حزب الاستقلال بالعرائش الدلالة الكبيرة لهذه الذكرى في نفوس ساكنة المنطقة ونفوس المغاربة معبرا عن اعتزاز المناضلين بكل من السواكن والعرائش والقصر الكبير بالتلاقي مع أعضاء اللجنة التنفيذية وإحياء واحدة من الصفحات المشرقة في تاريخ المغرب الحديث. إثر ذلك تناول الكلمة عبد الواحد الفاسي الذي عبر عن تأثره في كل مناسبة لإحياء هذه الذكرى لكونها جاءت باقتراح من والده ، وحضر هو شخصيا أول خطاب بالقصر الكبير في 4 غشت 1957 وهو حديث السن، مؤكدا أن احتضان منطقة السواكن فعاليات هذه الذكرى بمثابة مسيرة جديدة. وأبرز أبعاد هذه المعركة ومغزاها المتمثل في نصرة الإسلام والتضامن بين المغاربة الذي حقق معجزة الانتصار على البرتغال كقوة بحرية وبرية مدعومة من الغرب ومن البابا، ورغم هذا الدعم استطاع المغرب بقيادة عبد الملك السعدي وبمعية العلماء الذين لعبوا آنذاك دور الأحزاب في تأطير المغاربة وتجييشهم تحت راية الإسلام والوحدة من هزم العدو، مضيفا أن ميزان القوة رجح لفائدة المغاربة بفضل انضباطهم ضمن استراتيجية عسكرية محكمة، ولو كان النصر في هذه المعركة حليف الأعداء فلن تكون المنطقة مسلمة وستفتح بوابتان للصليبيين كي يتوجهوا للأراضي المقدسة في المشرق ونحو إفريقيا. كما أن من عبر هذه المعركة أن من يخرج عن الخط يكون جزاؤه العقاب، وهذا ما حدث للمتوكل الذي لقب بالمسلوخ بعدما ملئت بطنه بالتبن جزاء خيانته لبني جلدته، وهذا يؤكد عدم قبول المغاربة بالمساس بثوابتهم على مر العصور، فبعد الاطمئنان على الإسلام توجه أحمد المنصورالذهبي إلى الصحراء ليؤكد مغربية هذه المنطقة كحقيقة لاتطمسها أية مناورة وهذا ما يجسد حرص المغرب الدائم في الكفاح من أجل صحرائه لكون ذلك قضية حيوية. وفي الإطار ذاته أكد عبد الواحد الفاسي إرادة الشعب المغربي في استكمال الوحدة الترابية والدفاع عن كل الربوع المغربية، مبرزا أنه من يتخلى عن شبر فهو قابل للتخلي عن الأرض كلها. وأضاف أن ملحمة معركة وادي المخازن رفعت كرامة المغرب وهيبته، ليؤكد التاريخ أنه منذ ذلك الوقت لم يتجرأ الغرب على اختراق المواقع المغربية. ولربط الماضي بالحاضر أكد ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم لمنطقة السواكن لتنال حظها من التنمية والإشعاع التاريخي والثقافي والبطولي اللائق بها، مضيفا أن الحكومة التي يرأسها عباس الفاسي تبذل جهودا مميزة وغير مسبوقة كي تسير كل المناطق المغربية بدون استثناء بخطى تنموية موازية رغم محاولات التقزيم والانتقاص من هذا العمل، حيث أصبحت نتائجه ملموسة في معظم القطاعات، فيما ستظهر نتائج أخرى في المستقبل المنظور،على اعتبار أن البرامج والأوراش المرصودة تبني لمستقبل المغرب مستحضرا في هذا الإطار مقولة الزعيم علال الفاسي: «أكون سعيدا لو طبق مافيه مصلحة المغاربة ولو من طرف أعداء حزب الاستقلال». وأوضح أن حزب الاستقلال الذي يؤمن بالتعادلية يسعى الى دعم الطبقة الوسطى وتوسيع قاعدتها لتكون المهيمنة وتستعيد بذلك الأسر بما في ذلك أبناؤها الأمل في الارتقاء الاجتماعي وتتجاوز بذلك عوامل الإحباط. وفيما يخص الاستحقاقات المقبلة، فأكد عبد الواحد الفاسي ضرورة تشجيع المواطنين على المشاركة السياسية ومحاربة العزوف، فضلا عن إشاعة قيم ومبادئ حزب الاستقلال التي بقيت راسخة رغم توالي العقود وتغير الظروف السياسية ليختم عرضه بأن المغاربة انتصروا في موقعة وادي المخازن لإدراكهم قوة وحدة الكلمة والصف، وهذا ما ينبغي أن تدركه الأجيال الحالية لتتشبع بروح المواطنة والوطنية وتدافع عن المصلحة العامة. إثر ذلك تناول الكلمة شيبة ماء العينين الذي عبر عن الاعتزاز بالاحتفاء بهذه الذكرى في عين المكان لكونها معلمة تاريخية في تاريخ الأمة الإسلامية والإنسانية بحكم ضخامة الحدث حيث كانت المواجهة بين الاسلام والصليبية، كما عبر عن الاعتزاز بالاستمرارية التي يعيشها المغرب ووفائه لقضاياه وللرسائل التي حملها الأوائل. وأضاف أن عودة الاحتفاء إلى مهده بالسواكن تعكس مدى الاهتمام الاستقلالي بالمنطقة التي برمجت فيها أول تجزئة سكنية في عهد عباس الفاسي حين كان وزيرا للسكنى، واليوم أصبح الاحتفال وطنيا وجماهيريا بدلالته التاريخية وحمولته الملحمية، ولا أدل على ذلك حضور الوفد الوازن من قيادة حزب الاستقلال لإحياء صفحات من أمجاد الشعب المغربي قاطبة، وهو ما يعكس أن جذور المغرب عميقة في التاريخ، وأن حزب الاستقلال يخلد المحطات التاريخية لاستخلاص العبر لبناء المستقبل. ففي معركة وادي المخازن التقت إرادة شعب مع ملك مؤمن ضد ملك خائن، وفي الاتجاه نفسه جسدت وثيقة 11 يناير التقاء إرادة حزب الاستقلال مع الملك محمد الخامس، وبعد عقد من الزمن تحقق النصر رغم مناورات الخونة في المواقع الاقتصادية والسياسية، ليتأكد أن الإيمان هو القوة الأساسية التي تقف أمام القوى المادية. هذا الإيمان ترسخ لدى جميع المغاربة الذين انبروا عبر المسيرة الخضراء للدفاع عن الربوع المغربية في الجنوب. ودعا شيبة ماء العينين إلى ضرورة النضال من أجل الديمقراطية التي كانت دوما ملتقى إرادة الكتلة مع إرادة المغفور له الحسن الثاني، وتعزز هذا المسار في عهد جلالة الملك محمد السادس حيث انتصرت المنهجية الديمقراطية وعين الوزير الأول بناء على نتائج صناديق الاقتراع، وهذا مكسب يعزز صورة المغرب في الخارج. وأكد شيبة ماء العينين أن حزب الاستقلال الذي استهدفته آليات التزوير كان مجدّاً على المستوى السياسي ومثابرا وواثقا في المستقبل، فظل ملتصقا بالقواعد يصيغ البرامج الواقعية والمتجاوبة مع المتطلبات والحاجيات، وهو ما خوله المرتبة الأولى في سنة 2007 . ودخل معترك تسيير الشأن العام بعزيمة قوية إلى جانب الفرقاء في الحكومة، ورغم الأزمة الاقتصادية كان المغرب ضمن خمس دول لم تتأثر بالمؤشرات السلبية المسجلة عالميا. وفيما يخص المشهد السياسي فقد خرج حزب الاستقلال منتصرا في مؤتمره الوطني رغم أن البعض راهن على انقسامه كما عقد الاتحاد العام للشغالين بالمغرب مؤتمرا ناجحا، وعلى نفس المنوال انعقد مؤتمر الشبيبة الاستقلالية والمرأة الاستقلالية ليتجسد بالملموس أن المدرسة الاستقلالية تتميز بالنقاش المسؤول والملتزم والنقد البناء الذي لايمس السقف، ولا يقوض وحدة صفوف حزب الاستقلال، وهي مقومات تجعل حزب الاستقلال مركز استقطاب سياسي واقتصادي واجتماعي. وتناول الكلمة بعد ذلك البشير التجاني أحد أعيان مدينة السواكن الذي عبر باسم السكان عن الاعتزاز بإحياء هذه الذكرى ومد جسور التواصل مع أعضاء اللجنة التنفيذية، ودعا إلى ضرورة الاستمرار في النضال والسير على خطوات الأجداد لكسب الرهانات المستقبلية وترسيخ مبادئ حزب الاستقلال التي لاتتغير بتغير الظروف. هذا وقد حضر هذا الاحتفال مفتشو حزب الاستقلال بالشاون والناضور وطنجة ووزان وتطوان والمستشار البرلماني عبد الناصر احسين وأعضاء اللجنة المركزية والمجلس الوطني والمنظمات الموازية.