دعا زميل في إيل باييس المدريدية إلى التفكير في محفل آخر يضم ثمانية كبار من نوع آخر، غير الثمانية الذين اجتمعوا في طورونطو بكندا للتداول في تداعيات الأزمة المالية التي يجتازها العالم. وكان يقصد الثمانية الذين تمكنوا من الوصول إلى ربع نهاية كأس العالم لكرة القدم. ومما ورد في المقال المشار إليه أن ألمانيا وحدها توجد في المجموعتين، بينما اختلفت حيثات ومصائر باقي الأطراف. ولم يكن اختيار جنوب إفريقيا لإيواء المونديال عشوائيا. و ذكر الزميل نجيب السالمي في لوبينيون بتقرير نشره في سنة 2004 خبير في كرة القدم الإفريقية هو Herve Penot تضمن أن رئيس الفيفا كان قد نزل بثقله الكبير من أجل أن يقع اختيار جنوب إفريقيا. كانت حظوظ المغرب قوية. وأمام ذلك استعمل بلاتير رئيس الفيفا حجة خادعة مفادها أن جنوب إفريقيا أكثر تمثيلا لإفريقيا السوداء من المغرب، في حين أن ذلك البلد يمثل البيض فيه ثلث سكانه. وكان بلاتير شديد الانشغال بسبب أن المغرب كانت قد أصبحت له سمعة حسنة بفضل نجاحه في تحقيق انتقال ديموقراطي سلمي. ولهذا خالجه الارتياح حينما وجد مترشحون آخرون من إفريقيا يزاحمون المغرب هم مصر وتونس وليبيا. وكان ملف ترشيح ليبيا قد رفض بسبب عدم صلاحيته. وهذا ما حمل العقيد القذافي على أن يصف الفيفا منذ أيام بأنها مافيا تعمل على إفساد العالم. وأما تونس فكانت قد انسحبت من السباق. وبقيت مصر التي لم تنل أي صوت، في حين أن ترشيح المغرب كان قد فاز بعشرة أصوات في مقابل 14 صوتا نالها بلد مانديلا. وظهرت في تلك المناسبة الأهمية التي تحتلها العوامل المعنوية في المحافل الدولية لتكوين صورة إيجابية عن هذا البلد أو ذاك. وهي صورة تتكون بالارتسامات التي تتراكم تلقائيا ولكن تتكون كذلك بفضل الخدمة الدؤوبة للإقناع بمصداقية الصورة الإيجابية المقدمة. ففي 1997 ترك النائب البرلماني جوردان مقعده النيابي ليتفرغ لترويج ترشيح بلده لإيواء المونديال. وفي عام 2000 كانت ألمانيا قد فاقت جنوب إفريقيا بصوت واحد. وقطع جوردان بوصفه رئيسا لعصبة الأبطال مئات الآلاف من الكيلومترات، وقابل عدة مرات في كل سنة كل واحد من الأعضاء الأربعة والعشرين من مكتب الفيفا، للتذكير بالموضوع. وفي 2004 أقنع مانديلا وهو بالغ من العمر 85 سنة بأن يركب الطائرة في سفرة تدوم 17 ساعة للتوجه إلى ترينيداد إي طوباغو من أجل إقناع ممثلها في المكتب التنفيذي للفيفا بالتصويت على جنوب إفريقيا. وباستضافة جنوب إفريقيا للمونديال في هذا العام لن يكون ممكنا أن يفوز بلد إفريقي آخر بتنظيم هذا العرس الكروي إلا في 2026. وسيكون ممكنا للمغرب أن يحظى بذلك إذا حافظ على سمعة إيجابية، وبذل ما يتطلبه الأمر من جهد مادي جدي و دؤوب.