بعد انتظار لأربعة عقود ونصف توّج إنتر ميلان الإيطالي بلقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم لموسم 2009-2010 إثر فوزه على بايرن ميونيخ الألماني 2-0 يوم السبت في المباراة النهائية التي احتضنها ملعب سانتياغو برنابيو في العاصمة الإسبانية مدريد. سجل هدفي اللقاء المهاجم الأرجنتيني دييغو ميليتو في الدقيقتين 35 و70 مترجماً تفوّق تكتيك المدرب البرتغالي لإنتر جوزيه مورينيو، الذي سينتقل لريال مدريد كما أكّد عقب المباراة، على نظيره الهولندي لويس فان غال طيلة الدقائق التسعين.ويأتي هذا اللقب ليروي ظمأ جماهير إنتر خصوصاً وإيطاليا عموماً إذ أنه الأوّل لل»نيرازوري» في هذه المسابقة منذ عام 1965 والثالث عموماً إلى جانب لقب 1964 علماً انه خسر النهائي مرتين عامي 1967 و1972. كما أن إنتر توّج موسمه الرائع باللقب الأوروبي ليحقق الثلاثية التاريخية بفوزه بلقبي الدوري والكأس الإيطاليين أيضاً، وهو أمسى سادس فريق يحقق الثلاثية في أوروبا بعد سلتيك الاسكتلندي عام 1967 واجاكس أمستردام الهولندي عام 1972 وايندهوفن الهولندي عام 1988 ومانشستر يوناتيتد الإنجليزي عام 1999 و برشلونة عام 2009. أما جوزيه مورينيو فحقق اللقب الشخصي الثاني له بعد أول عام 2004 مع بورتو البرتغالي وهو الانجاز الذي أطلقه أوروبياً، وبذلك أصبح ثالث مدرب في تاريخ بطولة أوروبا يفوز باللقب المرموق مع فريقين بعد النمساوي ارنست هابل مع فيينورد روتردام الهولندي العام 1970 وهامبورغ الألماني العام 1983، والألماني اوتمار هيستفيلد مع بوروسيا دورتموند الألماني العام 1997، وبايرن ميونيخ العام 2001. من جهته فشل بايرن ميونيخ في تحقيق الثلاثية كونه فاز بالدوري والكأس المحليين هذا الموسم، كما فشل في تحقيق لقب أوروبي كبير خامس بعد أعوام 1974 و1975 و1976 و2001، إلى جانب أن مدربه لويس فان غال كان يمني النفس ببطولة ثانية بعد أولى عام 1995 مع أجاكس أمستردام الهولندي. ريبيري وموتا غاب عن اللقاء لاعب بايرن الفرنسي فرانك ريبيري لإيقافه ثلاث مباريات منذ طرده في ذهاب نصف نهائي المسابقة أمام ليون الفرنسي، كما غاب البرازيلي تياغو موتا لطرده في إياب نصف النهائي أمام برشلونة الإسباني وبخلاف ذلك لم يكن من إصابات أثرت على تشكيلتي المدربين مورينيو وفان غال. تكتيك المدربين استهل مورينيو المباراة بطريقة متوقعة 4-2-3-1 تاركا ميليتو وحيداً كرأس حربة فيما تنوعت مهمات باقي أفراد الفريق مغلباً عليها الطابع الدفاعي، رغم القدرات الهجومية العالية لأفرادها، مما أمّن تغطية خلفية مع إغلاق المساحات بدءا من نصف الملعب خصوصاً أمام الجناح الهولندي اريين روبن وفي الوقت نفسه وفّر القدرة على شن هجمات مرتدة حذرة إذ كان يكتفي بأربعة لاعبين في طلعاته الهجومية. في المقابل لعب فان غال بطريقة 4-4-2 مسنداً الهجوم للثنائي الكرواتي ايفيكا اوليتش والشاب توماس مولر لكن هذه التشكيلة وإن استحوذت على الكرة بنسبة وصلت لل 70% أحياناً (66 بالمئة عموماً) كنتيجة طبيعية لانحسار إنتر، إلا أنها فشلت في فك طلاسم دفاع إنتر وحتى عجزت عن التسديد بخطورة من خارج القوس إلا فيما ندر في الوقت الذي بدا فيه الدفاع بقيادة البلجيكي دانيال فان بويتن والأرجنتيني مارتن ديميكيليس ثقيل الحركة. مجريات اللقاء بدأ إنتر المباراة بقوّة محاولاً مباغتة منافسه بأداء مغاير لما هو معروف عن بطل إيطاليا إذ استحوذ على الكرة وطرق عمق المنطقة الألمانية أكثر من مرة بغية تسجيل هدف مباغت إلا أنّ الخطة «أ» فشلت فعاد رجال مورينيو سريعاً للخطة «ب» أي الأسلوب الانغلاقي المعروف به. استحوذت أقدام لاعبي بايرن على الكرة أكثر مع تراجع منافسيهم وسرعان ما صنعوا الفرصة الأولى حين راوغ روبن الروماني كريستيان شيفو ومن ثم الأرجنتيني والتر صامويل وعكس كرة لهداف الفريق أوروبيا اوليتش لكن رعونة الأخير أفضت لتسديدة طائشة. مع مرور الوقت زادت سيطرة بايرن «الاستحواذية» فقط لكن دون خطورة إذ أن دفاع إنتر اعتمد مبدأ الضغط بلاعبين وأحياناً بثلاثة على حامل الكرة وخصوصاً روبن، المنقذ الدائم لبايرن، وعليه كانت السيطرة التكتيكية للفريق الإيطالي الذي أخذ منافسه حيث أراد. وفي ظل هذا السيناريو الذي سارت عليه المباراة لعب الحارس البرازيلي لإنتر جوليو سيزار كرة أمامية طويلة تلقفها ميليتو رغم مضايقة رقيبه ديميكيليس وتبادلها على طريقة «1-2» مع الهولندي ويسلي سنايدر فانفرد وصوّب، وسط كماشة ألمانية ثلاثية، كرة عانقت سقف شباك الحارس المتألق هانز بات الذي خرج دون هوادة، 1-0 لإنتر ميلان في الدقيقة 35 وسط فرحة جماهيرية جنونية لم يرف لها لمورينيو جفن. وقبل أن يلفظ الشوط الأوّل أنفاسه بدقيقتين قاد الثنائي ميليتو-سنايدر هجمة مرتدة سريعة انفرد فيها الثاني إثر تمريرة من الأوّل إلا أن يقظة بات حالت دون تدهور الأوضاع. حاول بايرن العودة مبكراً في الشوط الثاني وكاد أن يدرك مبتغاه في الدقيقة 46 عبر الشاب الواعد مولر الذي فشل منفرداً في التفوّق على أحد أفضل الحراس في العالم حالياً جوليو سيزار ليبقى التفوّق لكتيبة إنتر العالمية. وفشلت تبديلات فان غال الهجومية في أن تؤتي ثماراً إذ ارتمى ميروسلاف كلوزه (نزل في الدقيقة 63 مكان التركي حميد التينتوب) وماريو غوميز (نزل في الدقيقة 70 مكان اوليتش) في أحضان المدافعين البرازيلي لوسيو والأرجنتيني والتر صامويل دون أن يلمسا الكرة. وسارت الدقائق في الشوط الثاني مشابهة لما كانت عليه في الشوط الأوّل فكانت الفرص خجولة ولم ترتق تصنيفاً لدرجة الخطورة إلا فيما ندر ككرة روبن الذي انطلق متيامناً ثم توغل يساراً على خط منطقة الجزاء وأطلق كرة ماكرة رامياً للزاوية العليا اليمنى لمرمى سيزار إلا أن «طيراناً» من البرازيلي أحبط محاولة روبن فكانت ركنية لم تثمر. وفي الوقت الذي كان بايرن يلهث جاهداً للتعديل انطلق إنتر بمرتدة في الدقيقة 70 قوامها ثلاثة لاعبين فقط، إيتو وسنايدر وميليتو الذي وصلته الكرة فعزف منفرداً من خارج المنطقة ضاحكاً على فان بويتن وتوغل وركن كرة بعيدة عن متناول بات لحظة خروج الأخير من مرماه, 2-0 لإنتر انفرجت معها تعابير مورينيو القاسية «قسراً» ومرت بعدها الدقائق المتبقية خالية من جديد إلا الدقيقة 90 منها التي أعلنت رسمياً تتويج إنتر ميلان بطلاً لأوروبا عن جدارة واستحقاق.