لقد شكلت المناسبات التي تنظمها الوزارة المكلفة بالجالية المغربية في الخارج ومنها المائدة المستديرة «حول الإعلام والجاليات المغربية بالخارج :أية روابط من أجل أية أهداف ؟»الخريف المصرم ، فرصة حقيقية للحوار وتلاقح الأفكار حول هذا الموضوع الهام بين مختلف الهيئات المعنية وممثلي الإدارات والمهنيين المتخصصين في المجال والباحثين والشركاء والفاعلين. ذلك أنه انطلاقا مما توليه استراتيجية الحكومة من أهمية خاصة للحفاظ على الهوية الوطنية للجالية المغرية ولمساهمتها الفاعلة في المجهود التنموي العام للبلاد، فإن هاجس مواكبة التحولات التي عرفتها هذه الجالية من حيث أبعادها الديموغرافية والسوسيومهنية والثقافية، يظل مطروحا بإلحاح في سياق بلورة هذه الإستراتيجية . واعتبارا للدور المحوري لوسائل الإعلام في مواكبة هذه التحولات وما ينتج من متغيرات، خاصة من حيث منظورها وطريقة تعاملها اتجاه الجالية ، فإن تناول الموضوع قد ركز أساسا على تعددية وتنوع هذه الجالية، وبالتالي تمت مقاربته بالاعتماد على ثلاث محاور رئيسية : _ طرق و كيفية تغطية الهجرة المغربية ،__ حاجيات وانتظارات الجالية من وسائل الإعلام الوطنية،__ الإصلاحات المستقبلية : الأهداف والوسائل والميكنيزمات (التقارير و التبادل و الدعم و المعلومات...) ولبسط هذه المحاور، فقد قام المتدخلون بتشخيص واقع الحال، كما قدموا اقتراحات في اتجاه إبراز شروط وتطلعات التعامل الإعلامي مع المسألة. كما قدم بدورهم مختلف الفاعلين نظرتهم في هذا المجال وكذا المبادرات التي تم الشروع في إنجازها لتحقيق الأهداف المتوخاة . ولقد سجل المشاركون بارتياح عزم الحكومة على تقوية الشراكة لحث وتشجيع المهنيين للعب دور فعلي في تحسين الوضع الحالي. وبعد مناقشة مختلف جوانب الموضوع، وعلى ضوء التدخلات المبرمجة والنقاشات التي تلتها ، اقترح المشاركون ما يلي: _ إعداد دراسة معمقة من أجل : - جرد الوضعية الحالية لوسائل الإعلام ، من حيث معالجة المواضيع المرتبطة بالمغاربة القاطنين بالمهجر ، وكذا من حيث العرض الإعلامي الموجه لهم . - تحديد انتظارات المغاربة في هذا المجال . - اقتراح استراتيجية وبرنامج عمل للإستجابة لحاجيات وإنتظارات هذه الجالية أخذا بعين الإعتبار تنوعاتها . _ خلق صندوق لتمويل إنتاجات إعلامية موجهة للمغاربة القاطنين بالمهجر__ التنصيص بدفاتر التحملات للقنوات العمومية للإذاعة والتلفزة على نسبة مخصصة حصريا للبرمجة الموجهة للمغاربة القاطنين بالمهجر. _ تكوين صحفيين متخصصين في قضايا الهجرة ، بهدف تمكينهم من ضبط مشاكل الهجرة وتفادي الصورة الإعلامية النمطية . _ وضع ميكانزمات دائمة من أجل ولوج المهنيين للمعلومات المتعلقة بقضايا الجالية . _ إرساء أسس متينة للتعاون والتنسيق ما بين الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ووزارة الإتصال ومختلف المنابر الإعلامية المكتوبة والمسموعة و الإلكترونية التابعة للجالية المقيمة بالخارج . _ دراسة إمكانيات خلق قناة فضائية عمومية موجهة للمغاربة ، وخلق قناة تلفزية متخصصة على المدى البعيد للإستجابة لانتظارات وحاجيات المهاجرين، _ إستغلال الإمكانيات المتاحة لتصحيح الصورة النمطية والمغلوطة للمهاجر المغربي في وسائل الإعلام بالخارج وتلميع صورته الحقيقية كفاعل تنموي لإقتصادات بلدان الإقامة وكعضو أساسي لإغناء المجتمعات المضيفة ، _ تشجيع خلق شبكات منظمة ما بين الصحفيين المغاربة بالخارج ونظرائهم بالداخل ، _ تنظيم ملتقى دولي لفائدة الإعلاميين المغاربة بالخارج وبالداخل ، _ تطوير البرامج التلفزية والإذاعية القائمة الموجهة للجالية المغربية والتفكير في خلق برامج أخرى ، _ حث القنوات الفضائية والإذاعات العمومية والتابعة للقطاع الخاص على الإهتمام أكثر بقضايا الجالية لتحسيس أنجع حول حقوقهم بداخل وخارج المغرب ، _ إنجاز روبورتاجات وتحقيقات ، حيث من المحبذ أن يعمل التلفزيون العمومي على إشراك المواطنين المغاربة في برامج المنافسة والتسلية المنتوجة من طرف القنوات الوطنية مثل «Challengers « و «القدم الذهبي»و»استوديوM 2 _ ضرورة الأخذ بعين الإعتبار في شبكة البرامج المخصصة للمشاهدين بالخارج الحاجيات الثقافية للجالية وكذا الفرق الزمني ، _ ضرورة إدراج الوكالة المغربية للأنباء لموضوع الهجرة ضمن أولوياتها، علما أنها تتوفر على شبكة واسعة من المراسلين عبر العالم، وبالتالي لها إمكانيات تؤهلها لإنجاز روبورتاجات وبحوث نوعية حول مختلف الجاليات المغربية. والهدف هو خلق منتوج إعلامي يمكن من المساهمة في فهم أحسن لمشاكل وتطلعات المغاربة بالخارج، _ وفيما يخص الصحافة المكتوبة ، فيتعين عليها اللجوء إلى مقاربة جديدة مناسبة وخطاب أقل نمطية في تغطيتها للجالية المغربية، وبالرغم من محدودية الإمكانيات المالية التي لا تمكن دائما الصحف المغربية من تشغيل مراسلون بالخارج، فإنه يمكن استغلال وجود عدد كبير من الأقلام المغربية في البلدان المستقبلة للمساهمة في تغطية إعلامية أكثر شمولية وتنوعا لهذه الجالية ، إضافة لهذه الإقتراحات ، تجدر الإشارة إلى المساهمة المتزايدة للمغاربة بالخارج في المعالجة والتمثيلية الإعلامية لشؤونهم الخاصة ، وبالتالي يلاحظ تضاعف عدد المدونين والبوابات الإلكترونية للمغاربة بالخارج . حيث تشكل هذه العناصر كلها أدوات إعلامية تجسد الإختلافات الثقافية للمغاربة بالخارج ومصدرا حقيقيا للجوء الى المعلومات . كما تمثل أيضا فضاءات للحوار ومناقشة القضايا المرتبطة بالجالية والسياسة العامة للبلاد. وينتج عن هذا التطور بروز ما يتفق على تسميته :»المهاجر الصحفي». وفيما يتعلق بحالة المغاربة المقيمين بدول الخليج ، فقد أصبحت ظاهرة تستأثر باهتمام وانتشار متزايد، لكونها تكرس فعلا نموذجا للصور النمطية المتداولة عنهم غالبا. بالإضافة الى تنوع المصادر ، وكثرة الإنتماءات فعلى وسائل الإعلام الوطنية الأخذ بعين الإعتبار مختلف خطابات الجاليات المغربية ، لفهم أحسن لطبيعة احتياجاتها وبحث مختلف الإمكانيات الكبيرة لهذه الجاليات. وبعد تفكير وبحث ، يمكن الوصول إلى وضع الأسس الازمة لضمان عرض إعلامي شامل ومتنوع ومنفتح وخلاق ، قادر على الوصول إلى مختلف الشرائح السوسيومهنية علما بأن الطلب الرئيسي لجاليتنا هو ذات طابع ثقافي وعندما نتحدث عن الجانب الثقافي نتحدث عن اللغة والثقافة الأصلية والجانب الديني والروحي وجميع وجوه وغنى التراث الثقافي الوطني .