في إطار التكليف الملكي للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان القاضي بتفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة ترسيخا لدولة القانون وتحقيق الانصاف بغية تأسيس ما اصطلح عليه »بمسار العدالة الانتقالية« ، أصدر المجلس الاستشاري لحقوق الانسان (دجنبر 2009) تقريرا يروم تحديد مجالات المتابعة والأطراف المعنية. ومساهمة منا في في تعميق النقاش حول هذا التقرير دعما لخطة العمل الوطنية للنهوض بالديمقراطية وحقوق الانسان بالبلاد نقدم قراءة أولية له لا تغني بأي وجه من الوجوه بالرجوع الى مضامينه بل تتوخى إثارة الفضول إلى الاضطلاع عليه ومناقشته والمساهمة بالدفع في تطوير وتقويم الجهود المهمة التي يقوم بها المجلس. بوب هذا التقرير إلى أربعة فصول أهم ماجاء في فيها الحث على استكمال عمليات تقصي الحقيقة والكشف عنها بذكر تاريخ وقوع الأحداث وأسماء الضحايا قصد تفعيل الاجراءات التي تهم تسوية المسائل المالية والادارية والصحية الخاصة بمجال جبر الأضرار الفردية والجماعية مع التنبيه إلى أن هناك حالات ضمن خانة ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير لازالت عالقة ومستعصية الحل، هذا الى جانب تفعيل التوصيات المتعلقة بالاصلاحات المؤسساتية والدستورية والتشريعية المتمثلة أساسا في: مكافحة الإفلات من العقاب من خلال تأهيل العدالة وتقوية استقلال القضاء إصلاح المنظومة الجنائية ترشيد الحكامة الأمنية * استكمال وتطوير الممارسة الاتفاقية * مأسسة الأرشيف والبحث في التاريخ الراهن وحفظ الذاكرة * مواصلة الانضمام الى المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان كإجراء تفعيلي لهذه التوصيات تم إحداث خمس لجان مختلطة بين الحكومة والمجلس عهد بتنسيق أعمالها الى كل من الأمين العام للمجلس والكاتب العام للوزارة الأولى. كما اعتمدت »خطة تواصلية تدريجية« تميزت بتنظيم لقاءات اخبارية وتواصلية للإعلان عن النتائج المتوصل إليها. يشمل تفعيل هذه التوصيات العمل على ثلاث جبهات موسومة بتشتت المسؤوليات والتعميم واعتماد مقاربات وآليات متناقضة ومتضاربة بخصوص تنفيذها، مما يجعل جهد المجلس ينصب أغلبه في تأمين التنسيق عوض الحسم في المسائل العالقة، فإشكالية جبر الضرر تظل مرهونة »بقدر المستطاع« و »مسار العدالة الانتقالية« على عاتق »العديد من الاطراف والجهات الرسمية والمدنية وغيرها« وأعمال اللجان المتعددة برد الفعل والإرادات السياسية للحكومة. لايخفى على أحد أن الادارة الأكثر نجاعة في حماية وتطوير حقوق الانسان هي »الرأي العام« وبالتالي فإن الاعلام يعد العمود الفقري في هذا المجال »والخطة التواصلية التدريجية« التي اعتمدت تبقى غير كافية، والدليل أن التقرير الذي بين أيدينا لازال حبيس المجلس والمنجزين الحكوميين له وبعض المهتمين بالموضوع، فهو غير متوفر في الأسواق والمحافل العلمية ... إن لا إلزامية هذه التوصيات تستوجب تقوية هذا الجانب وإعطائه العناية الكاملة، وفي هذا الاطار نظن أنه قد حان الوقت لتفعيل التوصية العاشرة الواردة في الفصل الرابع القاضية بتقوية اختصاصات المجلس في مجال التصدي للانتهاكات.