عاد البطل العالمي السابق سعيد عويطة الى أسرته الرياضية الوطنية بعد منفى اضطراري كانت قد فرضته بعض المعطيات المرتبطة بالواقع الرياضي الوطني. ومن الطبيعي أن تبتهج النفوس لهذه العودة التي تؤكد أن القرار كان صائبا لأنه اختار هذه المرة الرجل المناسب في المكان المناسب. لقد رفع سعيد عويطة البطل الأولمبي والعالمي رؤوسنا عاليا بانجازات سيظل التاريخ يحفظها ويسجلها لعويطة بمداد الفخر، ورفرف العلم الوطني في سماءات كل الدنيا على إيقاع النشيد الوطني الذي كان يعزف بعد أن يوشح سعيد البطل بالميداليات، وهذا الرصيد الكبير يلقي بمسؤولية جسيمة على عاتق المدير التقني الجديد سعيد عويطة، إذ لايعقل أن يقبل منه المغاربة أقل مما كان يجود عليهم به من منجزات كبيرة جدا. فحينما تعطى المسؤولية لرجل خبر القطاع بتفاصيله ، مدركا لجميع تفاصيله، ملما بالحقائق السائدة من حوله، وعويطة من هذه الفئة إن لم يكن أحدهم الأكثر تقدما في اللائحة، فإن لا عذر آخر يمكن أن يبرر أو يفسر كل ما من شأنه ان يخيب ظن الجماهير التي علقت عليه آمالا عريضة وتطلعات كبيرة. ونحن على يقين أن عويطة ليس في حاجة الى نصائح أحد، خصوصا في هذا المجال، ولكن فليتحمل فضولنا مادام أصبح الآن شخصية عمومية يمكن مناقشة توجهاتها وبرامجها. إن المغاربة لم يعودوا يقبلون بطل الصدفة الذي تجود به إحدى فلتات الزمن ، وما أن يمضي زمانه حتى ننتقل الى مرحلة فراغ بئيسة جدا، ومهم جدا أن يضع المدير التقني الجديد أصبعه على موطن الداء هذا من خلال الاعلان عن مشروع «البطل الأولمبي»وإن كنا لانملك إصدار الحكم النهائي على هذا المشروع إلا أن فكرة إيجاد خطة وطنية للنهوض بأحوال وأوضاع ألعاب القوى الوطنية أصبحت ملحة بشكل غير مسبوق باعتماد الأسلوب التشاركي مع الأندية والمؤسسات التعليمية والوزارة الوصية، ونحن لانطلب المستحيل ، لذلك لن نشترط النتائج الفورية في هذا الصدد، بل يقتنع المغاربة أن الثمار الجيدة لاتثمر إلا بعد توفر شروط مناسبة للاستنبات، لكن على أساس أن يعاين المغاربة التطور التدريجي ويلمسون نتائجه الفعلية الواضحة،إذ من غير المقبول أن نطلب من الرأي العام إمهال المسؤولين الجدد ما يكفي من الوقت، وبعد انقضاء الزمن الطويل يكتشف لاقدر الله أن الأمر كان يتعلق بسياسة ربح الوقت، ليس إلا . إن سعيد وغيره في الأجهزة المشرفة على ألعاب القوى يعرفون أن هذا القطاع مكتظ بالفخاخ والمصايد، ومثقل بالمشاكل والحسابات التافهة ونحن على يقين أن سعيد ومعه المشرفون على هذا القطاع لن ينتبهوا إلى كل هذه الأمور ولن يحملوا سيوفا ولا مقاصل لقطع الرؤوس، بل إنهم سيركزون على الجوهر، والجوهر هاهنا هو النهوض بأوضاع ألعاب القوى الوطنية وإعطائها المكانة التي تستحقها. ومن الموضوعي التذكير الآن أن سعيد عويطة لن ينطلق من فراغ ولا من نقطة الصفر، بل هناك رصيد صنعه من سبق سعيد وأحيزون وغيرهم إلى الاشراف على هذا القطاع، ويجب أن نعترف لهم اليوم بالنتائج وإن كانت نسبية ولا يقبل نهائيا أن نتنكر لهم بتبرير البسطاء الذي يستند إلى أن بعضهم كان خصم الأمس.