يبدو أن المدير التقني الوطني لألعاب القوى البطل العالمي والأولمبي سعيد عويطة لايزال يعيش في جلباب الماضي الذي كانت تُسيّر فيه أم الألعاب بأساليب السلطة والقمع. فرغم أنه مازال «حتى ما سخّن بلاصتو» في الإدارة التقنية الجديدة إلا أنه سرعان ما كشر عن أنيابه وأظهر بعضا من وجه السلطة التي ورثها من معلميه في سنوات التسعينيات. فإذا كان الجميع من المتتبعين استحسنوا عودة عويطة إلى أحضان ألعاب القوى التي اشتهرت في المغرب على يديه إلى جانب الوزيرة الحالية نوال المتوكل ومن تلاهما من أبطال عالميين، على أمل أن يأتي بالجديد الذي ينقذ هذه الرياضة من براثن الاندحار، إلا أن نفس المتتبعين أصيبوا بخيبة الأمل عندما علموا بالأساليب القديمة التي ينتهجها في تدبير إدارته التقنية. فخلال تصريحاته السابقة كان عويطة قال إنه سيعتمد في انتقاء عدائي المنتخب الوطني على «العين المجردة» من خلال متابعة بعض السباقات والحكم بأن هذا العداء أو ذاك صالح لأن يكون بطلا للمستقبل أو لا!، لكن ما يغفل عنه السيد المدير التقني هو أن الدول الرائدة في ألعاب القوى لم تعد تعتمد على «هذه العين المجردة» فهناك أساليب علمية حديثة ومتطورة لا محيد عنها لصنع الأبطال من بينها مثلا اختبارات الجينات والعضلات وحتى عملية تزويج الأبطال والبطلات. فزمن الوقوف في خط نهاية السباقات وحمل الميقاتي «الكرونو» للحكم على العداء من خلال التوقيت الذي حققه قد ولى، فصناعة البطل ليست كذلك، الآن هناك طرق أخرى أجدى وأنفع. فحسب معلومات توصلنا بها من مصادر مقربة من المعهد الوطني لألعاب القوى فإن عويطة يضع البرامج لكل العدائين وفي جميع التخصصات من 400 متر إلى 10 آلاف متر، وهو ما تعجب له المتخصصون الذين قالوا لنا إن هذا مستحيل لأن تخصصات السرعة ليست هي تخصصات المسافات المتوسطة أو الطويلة، وكاذب من يقول إن بإمكانه الجمع بين جميع التخصصات. وتساءل نفس المتخصصين إذا كان عويطة سيضع البرامج لكل العدائين من كل الفئات فما جدوى المدربين الموجودين في المعهد وإلا فحري به أن يشتغل لوحده ويطرد الآخرين. وعلى ذكر الطرد يبدو أن سعيد عويطة متذمر مما يكتب في بعض الصحف الوطنية هذه الأيام، فمن شدة غضبه قام بطرد عداء شاب من المنتخب الوطني بطريقة مُهينة لا لشيء سوى لأنه شك فيه يسرب الأخبار للصحافة الوطنية، وهذا العداء هو أمين المناوي الفائز بنحاسية سباق 800 متر في بطولة العالم لألعاب القوى للفتيان التي نظمت العام الماضي بمدينة أوسترافا التشيكية. وقد اتصلنا هاتفيا بالعداء أمين المناوي فوجدناه مستاء جدا من قرار عويطة حيث صرح لنا أنه كان يعتبر هذا الأخير مثله الأعلى في ألعاب القوى، فإذا به يفاجأ بالطريقة المهينة التي طرده بها حيث سبه وتلفظ في وجهه بكلام نابي (جمع حوايجك وسير ق ....!) وأمره بمغادرة المعهد الوطني متهما إياه بالخيانة لأنه ينقل ما يروج داخل المعهد إلى مدربه الحسين بنزريكينات الذي بدوره ينقلها إلى الصحافة الوطنية، وهو مانفاه هذا الأخير الذي بدوره اتصلنا به أيضا وقال لنا «إنه لا يعرف السبب الذي يجعل كل من يتحدث إليه يوصف بالخيانة من قبل عويطة رغم أن الجميع يعرفون أنه (بنزريكينات) هو المدرب الفعلي لأمين مناوي وعدائين آخرين واعدين». ولعل من شأن طرد المناوي من المعهد أن يكون له تأثير خطير على مستقبل هذا العداء الواعد الذي أبان عن مؤهلات محترمة في سباق 800 متر ويمكنه الذهاب فيه بعيدا إذا تمت العناية به جيدا، عوض إقبار مواهبه قبل أن ترى النور إلى الوجود. من جهة أخرى قالت مصادر من المعهد الوطني لألعاب القوى (لطمأنة عويطة هذه المصادر ليست هي بنزريكينات أو أمين المناوي) فإن العداء يوسف بابا جمع أمتعته وغادر هو الآخر المعهد تعبيرا عن عدم رضاه عن البرنامج الذي يفرضه سعيد عويطة، شأنه شأن العديد من العدائين الذين رفضوا برامج عويطة وطالبوا بمدربيهم الذين حققوا معهم نتائج جيدة كما هو الحال مع البطلة الواعدة سهام الهلالي التي رفض عويطة أن يشرف عليها مدربها الذي هو في نفس الوقت زوجها. وأضافت نفس المصادر أن عدائين بارزين ينوون إنشاء تكتل يشبه «النقابة» للدفاع عن مصالحهم ومطالبهم بضرورة التحاق مدربيهم للإشراف عليهم.