قضت هيئة غرفة جنايات استئنافية مراكش، وبعد مداولات جلسة الخميس 15 أبريل الجاري بالسجن المؤبد لراقصة مراكش فاطمة لعويني 29 سنة ولشريكها في التهمة رشيد.حسوني . وكانت متابعة الظنينين، في حالة اعتقال، لاتهامهما باقتراف الجريمة المعروفة بتقطيع جثة الضحية زوج الراقصة المدعو (احمد زكيكرة ) إلى 17 قطعة والتي وجهت لهما نتيجتها تهم القتل العمد والمشاركة فيه مع سبق الإصرار والترصد وارتكاب أعمال وحشية على جثة ومحو آثار الجريمة لعرقلة سير العدالة والمشاركة في الخيانة الزوجية والتحريض على الدعارة. ونظرا لما تبع هذه المحاكمة من جدل في الأوساط المراكشية و كذا الوطنية و لما لاقاه هذا الحكم من رفض و استنكار من قبل عائلة و محامي المتهم رشيد حسوني فإننا سنعيد التطرق لهذه القضية من زاوية مرافعة محامي المتهم الحسوني و الذي ظل إلى آخر مراحل المحاكمة متشبثا ببراءة موكله، وكذلك الأمر بالنسبة للمتهم الذي ظل متمسكا بأقواله التي تؤكد على أنه ليلة ارتكاب الجريمة لم يكن في الأصل بمدينة مراكش وإنما كان بشهادة شهود في مدينة الرباط وضواحيها. وقائع الجريمة كما روتها المتهمة للضابطة القضائية حسب محضر الضابطة القضائية بمراكش فإنه بتاريخ 2008/10/30 تم العثور على قطع لحم خلف المطار المدني بمراكش تبين بعد الفحوص التي أجريت عليها أنها لحوم بشرية، وبعد البحث الذي أجرته الضابطة القضائية عليها تبين أنها للمسمى أحمد زكيكرة الذي اختفى عن الأنظار في ظروف غامضة مما جعل الشكوك تحوم حول زوجته فاطمة العوينة بعد أن تم اكتشاف بقع دم بصندوق سيارتها وكذا بمقاعدها الخلفية وبصالون بيتها وبغرفة نومها وبالحمام. وبعد الاستماع إلى الزوجة اعترفت باقترافها لجريمة قتل زوجها بمساعدة والدتها و"شريكها" حسوني رشيد الذي سلمها قبل أيام من تاريخ اقتراف الجريمة قرصا منوما وطلب منها الاحتفاظ به لديها إلى أن اتصل بها هاتفيا يوم الثلاثاء 2008/10/28 فناولته لزوجها داخل عصير " الباربا" حيث استسلم للنوم الثقيل بصالون المنزل. ووزادت المتهمة في تصريحا للضابطة القضائية أنه و بعد إخبارها للظنين حسوني بنجاح عملية تخدير زوجها حضر حاملا مقدة... وبعد جر الزوج إلى غرفة النوم وجه له عدة ضربات بالمقدة على الرأس. وبعد ذلك قام بإزالة اسفنجتين من تحت الضحية ملطختين بالدم ووضعهما في كيس من البلاستيك و أخرجهما على أمل أن يعود إليها إلا أنه لم يعد. وبعد أن طال انتظارها أكدت المتهمة في تصريحها للشرطة أنها التجأت إلى والدتها لمساعدتها على إيجاد حل لجثة زوجها وهكذا ذهبت إليها على متن سيارتها. وبعد أن أخبرتها بأنها قتلت زوجها اتفقت هي وإياها على تقطيع الجثة أطرافا صغيرة ورميها في مكان خال بعد وضعها في كيس بلاستيكي وحملها على متن سيارتها. وبعد تنفيذهما لذلك ذهبتا إلى منزل والدتها وقضيتا الليل هناك. وفي الغد قامتا بشراء مواد الصباغة وقامتا بصباغة جدران المنزل الملطخة بالدم للتستر على معالم الجريمة ليحملا معا الأجزاء المتبقية من جثة الهالك و وضعها في صندوق خشبي وتوجهتا إلى منزل العائلة بعين مزوار وهناك قامتا بإحراقها بعد أن أفرغتا عليها مادة البنزين الذي اشترياه من مزود بالبنزين. وللتمويه والتضليل قامت المتهمة بالاتصال بالشرطة وإخبارهم بأن زوجها خرج من المنزل وذهب إلى العمل إلا أنه لم يرجع إلى المنزل منذ مدة. المتهم يؤكد عدم علمه بجريمة القتل وعند الاستماع إلى الظنين رشيد حسوني أنكر كل ما نسبته إليه المتهمة مؤكدا أنه كان يعرفها لأنها كانت تمتهن الرقص بمختلف الكباريهات بمراكش، وكان يزاول معها الجنس بمقابل قبل أن تتزوج، أما بعد تزوجها فإنه ابتعد عنها، ومع ذلك بقيت تتصل به في بعض الأحيان وكان يمتنع عن جوابها إلا أنها تلح عليه. وفي يوم 2008/11/1 حضرت إلى الرباط صحبة أختها وابنها بعد أن اتصلت به وأخبرته بأنها قادمة إلى الرباط لتنزل ضيفة عنده يوما أو يومين. وفعلا قضت يومين في ضيافته دون أن تطلعه على قتل زوجها ودون أن يمارس معها الجنس لأنها امتنعت، ولاحظ عليها التوتر. ولم يصل إلى علمه نبأ وفاة الهالك إلا حين أخبرته الشرطة بذلك بعد استدعائها له وحضوره إلى مراكش. المتهمة تقول لقاضي التحقيق إنها غير نادمة على فعلتها وبعد الاستماع الى المتهمة أمام قاضي التحقيق أكدت ما جاء في تصريحها أمام الضابطة القضائية مضيفة أنها لا تتأسف على قتلها لزوجها وغير نادمة على ذلك وحتى لو أحياه الله لتمنت أن تقتله مرة أخرى وتحرق جثته لأنه كان يعذبها وأنها كانت تكن له من اجل ذلك عداء شديدا. المتهم ينفي تواجده بمراكش ليلة الجريمة وعند الاستماع إلى المتهم حسوني رشيد أكد ما جاء في تصريحه أمام الضابطة القضائية مؤكدا أنه ليلية وقوع الجريمة لم يكن موجودا بمراكش بل كان يبيت عند أناس بسيدي حجاج أدلى بأسمائهم لقاضي التحقيق الذي استدعاهم فأكدوا له ذلك. محامي المتهم يلتمس البراءة طالب محام المتهم بالبراءة لموكله مستند على مجموعة من المعطيات من بينها أن المتهم حسوني رشيد أنكر مانسب إليه في كل مراحل البحث والتحقيق وأن الشاهدين (ل.ه) و(م.ع) أكدا بأنه ليلة وقوع الجريمة كان المتهم يقضي الليل بمنزلهما . كما أكد المحامي أن كل الأبحاث التي أجريت سواء بمنزل الهالك أو على الجدران أو على أدوات الجريمة لم تثبت وجود أي أثر لبصمات المتهم رشيد حسوني بها، و أن سيارة المتهم لم يكتشف بها أي آثار لدم الهالك، مما يدل على أن ادعاء المتهمة باطل ومحاولة لتضليل العدالة. وهذا الدليل العلمي الأخير حسب المحامي الواضح وحده كاف لتبرئة ساحته والحكم ببراءته ذلك لأن الشرطة العلمية التي أجرت هذه الأبحاث هي نفسها التي اكتشفت آثار الجريمة بمنزل الهالك رغم محاولة المتهمة إخفاءها بصباغة الجذران وغسل آثار الدم من الأرض ومن أماكن وقوع الجريمة وذلك باستعمالها وسائل تقنية وعلمية حديثة. وأشار الدفاع أن تصريحات المتهمة أمام المحكمة سادها كثير من الغموض والتناقض " فخلافا لما صرحت به من قبل بأنها اتفقت مع المتهم على قتل الضحية بعد أن تناوله القرص المنوم الذي سلمه إليها تراجعت وقالت بأنها لم تتفق معه أبدا على قلته وأنها لم تتصل به للحضور إلى منزل الهالك كما أنها لم تخبره بإعطائها المشروب المخدر للهالك بل فاجأها بالحضور دون أن يخبرها بذلك فتوجه مباشرة إلى غرفة النوم حيث أجهز على الهالك ثم خرج ، وأنها كانت قد جمعت حوائجها للهروب من بيت الزوجية، وهي الفكرة التي كانت تراودها منذ مدة طويلة لأن زوجها الهالك كان يعذبها ويهينها ولم يبق أمامها غير الهروب. ولما سئلت هل سبق للمتهم أن دخل منزل الهالك من قبل حتى يكون على معرفة ببيت نومه أجابت بالنفي. وهذا يعتبر حسب المحامي منتهى التناقض، مما يجعل تصريحاتها عارية من الجدية وعديمة القيمة وتتسم بكثير من التضليل محاولة منها لإبعاد جريمة قتل زوجها عنها بعد تورطها فيها هي وأمها وإلصاقها بشخص بريء. و أضاف دفاع الحسوني أن المتهمة كانت قد صرحت أمام السيد قاضي التحقيق بأنها غير نادمة على قتل زوجها وتعذيبه بشكل فضيع لأنه كان يستولي لها على أموالها ويضربها ويهينها بمزاولة أفعال محرمة مع نساء أخريات أمام أعينها فهي بذلك كانت تتحين الفرصة للتخلص منه بقتله باتفاق مع والدتها. وحيث إن المتهمة لما ذهبت عند أمها لمساعدتها على إخفاء جثة الهالك قالت لها إني قتلته ولم تقل لها قتلناه أو قتله رشيد؟ أليست هذه هي عين الحقيقة التي أسرت بها لوالدتها؟ يسأل المحامي مستغربا و أفاد أن السبب الحقيقي الذي جعلها تتهم رشيد حسوني هو كونه لما علم بأنها تزوجت بالهالك ابتعد عنها بعد تعرفه على فتاة أخرى كان ينوي الزواج بها فلم يعجبها ذلك، ولذلك انتقمت منه بهذه الوسيلة "الخسيسة" و"الماكرة". وقال المحامي " إن شهادة متهم على متهم غير مقبولة لا فقها ولا قضاء، وحيث إن اقتناع المحكمة الموقرة يجب أن يستخلص من أدلة ثابتة لا يشوبها أدنى شك، لاسيما وأن الوسائل الحديثة في البحث لدى الضابطة القضائية لم تسفر عن أية نتيجة تدين المتهم رشيد حسوني، منها عدم وجود أي آثار لبصماته سواء على أدوات الجريمة أو على جدران منزل الهالك أو على الأثاث التي كان دم الهالك بها، كما أنه لم يتم العثور على اثر دم الهالك بسيارته، مما يجعل أقوال المتهمة المتناقضة مجردة من أية مصداقية وبالتالي عدم اعتبارها في إصدار حكم جنائي من المفروض أن يكون مبنيا على اليقين لا على مجرد الشك...." وحيث إن الشك يفسر لصالح المتهم لهذه الأسباب التمس المحامي من من المحكمة أساسا الحكم ببراءة المتهم مما نسب إليه لفائدة اليقين. احتياطيا وإذا ما رأت المحكمة الموقرة أن هناك شك واضح يحوم حول مشاركة المتهم في هذه الجريمة التمس المحامي الحكم ببراءة المتهم لفائدة الشك، ذلك لكون الشك يفسر لصالح المتهم. واحتياطيا جدا: وإذا ما ارتأت المحكمة الموقرة مع ذلك إدانة المتهم التمس منها تمتيع المتهم بأقصى ما يمكن من ظروف التخفيف نظرا لكونه أبا لثلاثة أطفال صغار وإن المعيل الوحيد لوالديه البالغين من الكبر عتيا.