تستعد مدينة الرباط ومعها جميع جهات المملكة للاحتفال بالذكرى الأربعين ليوم الأرض و البيئة وهو حدث يجسد التزامات المغرب الراسخة بدعم قضايا البيئة والعمل على توفير كافة الشروط لحماية الأنظمة الإيكولوجية من التدهور ، وفي هذا الإطار تحتضن ساحة الاوداية خلال الفترة من 18 إلى غاية 25 أبريل فضاء إيكولوجيا لعرض كبرى المبادرات والابتكارات التي تقوم بها مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع في مجال البيئة. والواقع أن المغرب اختار بجرأة كبيرة رفع التحدي البيئي عبر اعتماد سياسة بيئية تتوزع على مجموعة من الملفات في غاية الأهمية والتعقيد ، ويتعلق الأمر بقضايا المياه والنفايات والطاقات المتجددة ومحاربة التلوث .. وقد أكد التصريح الحكومي على جعل محورالبيئة في صلب انشغالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، واعتماد مقاربة جديدة في تدبير الشأن البيئي، تتميز بتعدد المشاريع والبرامج وإشراك مختلف المدخلين والفاعلين على الصعيد المحلي والجهوي... وترتكز هذه السياسة البيئية في بلادنا على عدد من المحاور الأساس التي تهم التطهير السائل ومعالجة المياه العادمة ومعالجة النفايات ومحاربة تلوث الهواء والوقاية من الأخطار الصناعية ، بالإضافة إلى ذلك يعمل المغرب على تنفيذ المخطط الاخضر ومخطط النجاعة الطاقية لتنمية الطاقات المتجددة،واستراتيجية مكافحة التصحر،ومخطط تنمية وحماية الثروات البحرية وتطوير النقل النظيف . ومما لا شك فيه أن تطوير وتوسيع استعمال الطاقات المتجدة ، يرتكز على على برنامج مندمج ومتنوع يوازن بين الطاقات الريحية والمائية والشمسية ، شرع في تنفيذه في شهر نوانبر الماضي من خلال إطلاق مشروع ضخم لإنتاج الطاقة الشمسية .. وقد توجت المجهودات التي بذلها المغرب خلال السنوات الأخيرة والتي بدأت بتنقيح النصوص وتحسين الإطار التشريعي والمؤسساتي ، بإطلاق مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي جاء تنفيذا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس الواردة في خطاب العرش لسنة 2009 ،الذي دعا فيه جلالته الحكومة،إلى الانكباب على إعداد مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يهدف إلى الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها الطبيعية ضمن تنمية مستدامة، وصيانة معالمها الحضارية ومآثرها التاريخية، باعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمة، ومسؤولية جماعية لأجيالها الحاضرة والمقبلة . وهو التوجه الذي شدد عليه جلالة الملك ،من جديد ،في رسالته السامية التي وجهها إلى المشاركين في قمة كوبنهاغن حول المناخ، إذ أكد جلالته أن المغرب وضع قضايا البيئة،في صلب برامجه التنموية. وكان الوزير الأول عباس الفاسي أعطى الانطلاقة الرسمية لمسلسل المشاورات حول هذا المشروع على مستوى جهات المملكة، خلال شهر يناير، مؤكدا أن هذا المشروع يرسخ حق المواطنين في العيش في وسط طبيعي سليم وبيئة متوازنة ، وهو الحق الذي يفرض بالضرورة التزامات وواجبات كل شخص طبيعي أو معنوي بتجنب الاضرار بالوسط الطبيعي والتراث المشترك والعمل على تثمينه وضمان ديمومته لفائدة الاجيال الحالية واللاحقة. ويتميز هذا الميثاق بأبعاده الترابية والقطاعية باعتبار أنه يتوزع على محاور تهم الحفاظ على المجالات، والمحميات والموارد الطبيعية، وكذا التراث الثقافي، و إحداث ستة عشر مرصدا جهويا للبيئة، ستتولى إعداد تقارير سنوية حول الوضعية البيئية، وحالة النظام البيئي في البلاد، وتصحيح الاختلالات المسجلة في هذا المجال ، وهو ميثاق يهدف إلى إيجاد وعي بيئي جماعي، وتغيير السلوكيات، والانخراط القوي لمختلف مكونات المجتمع المدني، والحفاظ على التنوع البيئي، وجودة الرصيد الطبيعي والتاريخي، وتحقيق التنمية المتوازنة، وتحسين جودة الحياة والظروف الصحية للمواطنين ، اعتمادا على مقاربة متوازنة توفق بين متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة ، وهي مهام سيتم إنجازها في إطار شراكة بين الدولة والسلطات، ومختلف الفاعلين المحليين ..