... منذ تنظيم طواف فرنسا الدولي لأول مرة سنة 1903 من طرف هنري ديغرونج Henri Desgrange و هو يمثل منذ ذلك التاريخ أقوى و أشهر سباق للدراجات في العالم. كان الطواف ينظم بانتظام كل سنة في شهر يوليوز باستثاء من 1915 إلى 1918 ثم من 1940 إلى 1946 بسبب الحربين العالميتين الأولى و الثانية. وقد عرف هذا الطواف اهتماما جماهيريا و تغطية إعلامية كبيرين، حتى أصبح في وقتنا هذا حدثا رياضيا عالميا يتتبعه العالم بأسره و تتجند له فرنسا بأكملها لما صار له من دور هام على المستويات الرياضية، الاقتصادية، السياحية، السياسية، والإعلامية... وهو ما دفع المدن والبلديات الفرنسية إلى أن تدخل ميدان السباق من أجل الظفر بشرف استقبال قافلته وفق دفتر تحملات تبعثه للجامعة الفرنسية التي تختار من بينها طبعا الأفضل لترسم على ضوء ذلك المسار الرسمي للطواف بمختلف مراحله ... وطواف المغرب وان كان من بين أقدم الطوافات التي يعرفها العالم ، إلا أنه لا يمكن مقارنته بطواف فرنسا ، لكن يمكن القول انه من أفضل وأجمل الطوافات التي تعرفها القارة السمراء تنظيميا وأمنيا وسياحيا وترويجا وقربا من الجماهير ، ومع ذلك فإننا لم نلمس أن المدن أو الجماعات المحلية مستعدة للدخول إلى حلبة التنافس على استضافة قافلة الطواف على غرار ما هو معمول به مثلا في فرنسا نظرا للقيمة المضافة التي يعطيها الطواف لهذه المدن التي تطلب أن تكون ضمن مسار الطواف الذي يتحدد في ضوء الطلبات التي تتوصل بها الجامعة والمتمشية مع دفتر التحملات ... صحيح أن مدننا وجماعاتنا تتمنى أن تكون مدرجة في مسار طواف المغرب ، لكنها لا تعطيه بالقدر الذي يعطيها اقتصاديا وسياحيا وإعلاميا على النحو الذي نشاهده في طواف فرنسا ، بل الأكثر من هذا فحتى قنواتنا التلفزية لم تبد اهتماما بهذا الحدث بالقدر الكافي ، أي بالنقل المباشر للمراحل عوض الاكتفاء بالملخصات المعدودة الدقائق ، لأنها بكل بساطة لا تحتمل أن تدفع المقابل المادي ، هذا إذا لم نقل إنها مازالت لم تدخل كثيرا من الرياضات في حسابها ومن ضمنها رياضة الدراجات .... فهل نحلم يوما أن تستفيق قنواتنا التلفزية ومدننا وجماعاتنا البلدية والقروية ، وتعرف أنها فعلا أضاعت عليها زمنا طويلا في الاستفادة والإفادة من دورات طواف المغرب؟ أم أن التلفزيون مازال يؤمن أن سياسة «فابور» هي عملته الصعبة في هذا الزمن الذي نشهد فيه التطاحن المالي الكبير في مجال الحقوق والنقل التلفزي لمختلف التظاهرات الرياضية الكبرى ... وبالطبع فطواف المغرب لا تنقصه القيمة لكي لا ينال حظه من اهتمام مسؤولي قنواتنا التلفزية.