كعادته في كل المناسبات الدينية والوطنية، خلد المجلس البلدي لمدينة فاس ذكرى عيد المولد النبوي الشريف الذي صادف هذه السنة مرور 1150 سنة على تأسيس جامع القرويين العامرة ومضي 100 سنة على ميلاد أحد علمائها الأجلاء الزعيم الراحل علال الفاسي. ترأس برنامج هذه التظاهرة التي تنوعت فقراتها بين الفكر والإنشاد والأغنية الدينية الشجية، عمدة فاس الأخ حميد شباط بمعية الأخوة: المجاهد الدكتور بنسالم الكوهن والنائب جواد حمدون وعلال العمراوي ورئيسي مقاطعتي المرينيين وسايس الأخوين محمد الحداد وحميد فتاح و رئيس مجلس عمالة مولاي يعقوب الأخ التهامي الشومي بالإضافة غلى عدد من أعضاء وعضوات مجلس المدينة والمقاطعات كما شرف الحفل عدد من السادة العلماء والأساتذة ورجال الفكر وأعضاء المجلس العلمي ورئيس المجلس العلمي لإقليم صفرو الأخ الأستاذ حسن الزين ناهيك عن جمهور غفير من مختلف الشرائح المجتمعية. وقد توصل المجلس البلدي لمدينة فاس باعتذارمن الأستاذ عباس الفاسي الوزير الأول والأمين العام لحزب الاستقلال بسبب رئاسته للوفد المغربي بالديار الإسبانية، مهنئا المجلس البلدي على مبادراته وأنشطته المتواصلة. واستهل هذا الحفل الكبير بآيات من الذكر الحكيم رتلها المقرئ المتميز الأستاذ عبد المجيب بنكيران إثر ذلك توالت فقرات هذا الحفل البهيج بتقديم نخبة من مادحي ومسمعي فاس وصلات رائعة وشيقة من إنتاج وتأليف العلامة الجليل سيدي محمد بن حماد الصقلي تحت عنوان «شذرات من سعادة الإنسان بمولد سيد الأكوان صلى الله عليه وسلم» يقول مطلعها: إلى أن تقول القصيدة في درج «غريبة الحسين»: تجاوب منقطع النظير بين الجمهور الحاضر والذرر الطيبة المؤثرة والإنشاد الشجي الرائع، تلكم كانت المسحة العامة التي واكبت هذا الإنشاد وأعقبت نهايته الرائعة. إثر ذلك جاءت لحظة الذروة كما وصفتها مقدمة فقرات الحفل الطالبة الأخت رجاء زين العابدين التي استطاعت أن تموج إبداعات هذا الحفل بوصلات جميلة ارتقت رقي المناسبة، بتقديم الأستاذ المحاضر العلامة الجليل سيدي محمد بن حماد الصقلي، الذي يستحق التكريم المتواصل لمكانته العلمية ومنزلته المتميزة، إلا أنه اليوم هو الذي سيكرم فاس بعرضه في إطار هذه المناسبة: استهل الأستاذ الصقلي محاضرته «التي سنعود إليها بتفصيل في مراسلة قادمة» بأهمية عيد المولد الشريف الذي يعتبر فرصة لتعبير عن حب الرسول صلى الله عليه وسلم، والتذكير بسيرته العطرة، وهي مناسبة يقول: جعلتني أختار لمحاضرتي موضوع: «من دواعي القرب والوصول، معرفة أحوال الرسول»، للمشاركة في احتفال المجلس البلدي لمدينة فاس العامرة بعيد المولد. كما أكد أن المولد جسر وشعاع وانبعاث وقصد بالجسر أن المولد الشريف رابط بين عالم الأمر الذي ليس بمحدود، وبين عالم الخلق المحدود المشهود، وأما الإشعاع فيه ظهر سر الوجود، وتبدد ظلام الشرك والجحود، وأما الانبعاث فهو انبعاث الرحمة المهداة التي عمت العالمين وأزالت الغشاوات عن أبصار المترددين والحائرين. والمولد هو أحد من أحوال رسول الله صلى اله عليه وسلم المرضية، وخصائصه الذاتية. كما اشتملت المحاضرة على المحاور التالية: العهد الفطري تعزيز العهد الفطري بإرسال الرسل أحواله صلى الله عليه وسلم وخصائصه الذاتية، هي من عناية الله عز وجل به عليه السلام وفيه: أهمية السيرة النبوية مدلول لفظ الأحوال. آيات قرآنية شاهدة على عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم. وجوب معرفة أحواله عليه السلام وفي هذا السياق أكد أن الاحتفال بالمولد أمر تابت واجب عند أئمة المالكية وغيرهم لتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحواله المرضية. وختم العلامة الجليل سيدي محمد بن حماد الصقلي محاضرته القيمة بقوله: «وإنني لأشكر المجلس البلدي لمدينة فاس الذي أخذ هذه الخطوة المباركة وحقق هذه الصبحية وأحفل هذا المحفل البهيح بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس غريبا ما نعهده في الشهم رئيس المجلس البلدي الذي لاتنسى له فاس أياديه الحسية والمعنوية، فهاهو ذا يطهرها مما قد يعلق بها من دنس وها هو ذا يسير بها إلى الكرامة التي ثبتها لها سيدنا إدريس حين قال: «اللهم اجعلها دار علم ودار هدى» بارك الله في مسعاك وسدد خطاك ومسعى كل من يمضي في ركاب أمير المؤمنين لتركيز الأمجاد في بلادنا وتحقيق الفضائل في وطننا، وجعلنا أمة متماسكة على هدي سنة رسول الله لننتمي وعلى سنته لا نحيد، اللهم أجعلنا على محبته نحيى وعلى محبته نفارق الدنيا وعلى محبته نلقاه وعلى محبته نسير في تحقيق المجد والكرامة والعزة لوطننا أولا وللإسلام عموما، فقد كنا نرجو الله أن نبقى وسنبقى حتى يخيب كل حسود وينهزم كل عدو ويتحقق لنا ماحققه أمجادنا من أن تكون بلادنا نبراس هدى ينطلق منها المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والمحبة لرسول الله...» وما إن انتهى المحاضر من عرضه القيم والرائع حتى اهتزت القاعة تقديرا واحتراما له كما قام الأخ حميد شباط عمدة فاس بمعانقة العلامة الجليل مؤكدا له أن مدينة فاس ستظل محروسة بإذنه تعالى وعلمائها الأماجد من أمثال محاضرنا اليوم والذين يعتبرون قلعا قوية تحصن الهوية المغربية الإسلامية. وفي هذه الأجواء الربانية والروحية عقبت الأخت المقدمة بتذكير الحاضرين بأهم القرارات والتوصيات التي صادق عليها المجلس البلدي يوم 17 فبراير 2010 الذي يعتبر يوما تاريخيا ومشهودا في تاريخ مدينة فاس، والمتعلقة بمحاربة أوكار الفساد ومنع الشيشة من المقاهي وتداول الخمور خصوصا في المثلث الذهبي (جامع القرويين و ضريح مولاي إدريس وضريح سيدي أحمد التيجاني) بالإضافة إلى تتبيث اللغة العربية في الأماكن العمومية وكذا دعم مدينة القدس الشريف توأمة فاس بمنحة مالية بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية ، وكانت القاعة تهتز تصفيقا وتكبيرا لكل قرار وتوصية على حده. كما كان الجميع على موعد مع الفقرة الموالية للمجموعة الصوتية الرائعة برئاسة الاستاذ عبد الإله العلوي والمنشد المتميز نورالدين شقرون والذين قدموا باقة من الأغاني الدينية المؤثرة سواء من تلحين رئيس المجموعة أو بأنغام ذات طابع وطني وعربي. وختم هذا الحفل البهيج الذي نظمه المجلس البلدي لمدينة فاس بمناسبة عيد المولد النبوي في جو رائع وجميل ارتقى إلى حجم ماتحمله مدينة فاس من معاني فكرية وروحية عريقة ومتجددة.