يحق لنا اليوم في المغرب أن نفتخر بالمرأة المغربية المناضلة التي سطّرت منذ بزوغ الاستقلال في سجل التقدم والتطور أسطراً من نور في جميع المجالات، حيث تبين مع مرور السنين أن المغربية القاضية والشاعرة والفنانة والأديبة والمرشدة الدينية والعاملة وربة البيت .... قادرة على ركوب كل التحديات والقيام بكافة الأدوار التي من شأنها أن ترفع من قيمتها و تبرز دورها في المجتمع، وتمتعها بحقوقها ، مع ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها. ومن ثم فإن هذا التقدم الحاصل في حياة الأنثى المغربية جعل إحساسها بمسؤولياتها اتجاه أسرتها والمجتمع يتطور ويفرز لديها الرغبة في مجاراة الذّكر في كل المجالات المساهمة في الرقي بالمجتمع بما في ذلك المجال الجمعوي الذي كان إلى حدود الثمانينات مقتصرا على عطاءات الرجل في غالب الأحيان. وبرزت مع مرور الزمن العديد من الجمعيات ذات الطابع الحقوقي والتنموي والاجتماعي التي ترأسها نساء جمعويات مناضلات قدمن كل ما لديهن من جهد لخدمة الفئات التي تستهدفها برامج جمعياتهن. ولعل أهم ما ميّز عمل المرأة المغربية في ساحة المجتمع المدني هو تفانيها من أجل تكريس ثقافة جادة تهتم بقضايا المرأة وشؤونها و تساهم في توعيتها، و تحسيسها بواقعها و مشاكلها، والمشاركة في مناقشة قضاياها واقتراح أساليب لتغيير وتجاوز واقع مزر تعيشه المرأة المغربية في العديد من المناطق النائية. وعملت الجمعيات النسائية خلال عقود على تنمية وعي المرأة بتكثيف دروس محو الأمية والمواكبة الاجتماعية على أساس يقوم على احترام مبادئ الديمقراطية والمواطنة الصالحة، وهي مبادئ برزت بشكل جلي بعد انفتاح الجمعيات على المرأة في كل بقاع المغرب. ونظرا لما أصبح للجمعيات من دور تنموي ... فإن سعي المرأة إلى الاستفادة من الممارسة التنموية و الانخراط في الجمعيات المهتمة بمجال التنمية ساهم بشكل كبير في إنجاح كثير من مخططات تأطير العمل التنموي ونآى بالعمل الجمعوي عن كافة أشكال الممارسة الانتهازية المجهضة المبادرات التنموية، والتي قد يقوم بها أشخاص ينسبون إلى أنفسهم قيادة العمل التنموي من خلال جمعيات تدعي أنها تمارس التنمية, وهي في الواقع لا تمارس إلا عمليات النهب للميزانيات المرصودة لهذا الغرض. لهذا فإننا نجد أن انخراط المرأة بكثافة في الجمعيات المهتمة بمجال التنمية يعتبر شرطا لفرض احترام مبادئ العمل الجمعوي, ولتحقيق نزاهة التنمية، خاصة إذا تعلق الأمر بالجمعيات العاملة في صفوف النساء. فسيدات العمل الجمعوي بذلك يكن قد لعبن دورا كبيرا ورائدا في تطوير الجمعيات باعتبارها مجالا لتصريف القناعات المختلفة, وإطارا لفرض الممارسة الديموقراطية ومصادرة الاستبداد المعشش في نسيج المجتمع، ومحاربة كل أشكال الانحطاط الأخلاقي الحاصل في المجتمع، وكذا الاهتمام بالفئات المحرومة فيه، وفق مقاربة تمكنهن من توسيع وتعزيز مشاركتهن باعتبارهن فاعلات رئيسيات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ورغم كل هذا التقدم فإننا مازلنا نتوق إلى مشاركة أوسع للنساء في الخدمة الجمعوية ، و إلى انفتاح الكثير من الجمعيات الرجولية - مائة في المائة - على المرأة، عوض الاستفراد بكافة المبادرات الجمعوية الهادفة. فالعديد من الجمعيات الثقافية والتربوية بالخصوص النشيطة بمجموعة من المدن المغربية يستبد بها الرجال دون النساء, و إذا كانت هناك مساهمة نسوية فإنها غالبا ما تكون ضعيفة ومهمشة. وهذا هو السبب الذي يقف وراء ضعف البعض منها عكس الجمعيات الأخرى التي يظهر جليا ازدهارها بتوجد الأنثى فيها. إن وعي كل الفاعلين الجمعويين الناشطين بالجمعيات الثقافية والتربوية والتنموية بصفة عامة , بدور سيدات العمل الجمعوي الأساسي والرائد في تنشيط الحركة الاجتماعية و العمل على إشراكهن في تحمل المسؤولية في مختلف القطاعات الاجتماعية سيحول وعي المرأة لا محالة الى ممارسة يومية من خلال الإطارات المختلفة التي تساهم في تبني قيم المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. [email protected]