يعيش سوق (درب ميلا) بالدار البيضاء, بمناسبة شهر رمضان الأبرك, حركة دؤوبة تتجسد في عمليات تسويق التمور الوطنية والمستوردة بالجملة والتقسيط, بالنظر لشهرة هذا الفضاء التجاري التي تجاوزت العاصمة الاقتصادية للمملكة. وحسب بعض تجار ومربي أشجار النخيل, تم استطلاع آرائهم, فإن التمور الوطنية, المعروضة للبيع بسوق (درب ميلا بحي الفرح), تربو على التمور المستوردة بعدد من المميزات من أهمها المذاق واللذة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا السوق يشكل, كلما اقترب رمضان, قبلة لعدد من الباعة بالجملة والتقسيط وكذا للراغبين في اقتناء كمية من التمور من هذا السوق الذي يشهد هذه الأيام حركة تجارية كبيرة تعكسها الكمية الهامة من التمور المعروضة من قبل تجار قادمين من مناطق بالجنوب الشرقي خاصة من ورزازات وزاكورة. واعتبر هؤلاء التجار أن جل التمور الوطنية, الموجودة حاليا بحوزتهم قصد البيع تتميز أيضا عن المستوردة بكونها «»»»جديدة»»»» أي أن جنيها تم في شهر غشت المنصرم وشتنبر الحالي, مع وجود تمور أخرى يمكن جنيها في أي لحظة وأخرى لم تنضج بعد, وهو ما يعني أن الكثير من هذه التمور الموجهة للمستهلك هذه السنة بمناسبة شهر رمضان المبارك ما تزال تحافظ على طراوتها وكل فوائدها الغذائية والصحية التي لا تعد ولا تحصى. وأكدوا أن المستهلكين يدركون الفروق الجوهرية الموجودة بين التمور الوطنية والتمور المستوردة, موضحين أن هذه الأخيرة تتميز فعلا بمظهرها الخارجي الجذاب لكونها تخضع لعمليات تصنيع, مع إضافة سكر صناعي قصد تلميع مظهرها, لكنها تفتقر للمذاق واللذة الطبيعيين. وأضافوا أنه إلى جانب التمور الوطنية الجديدة, هناك تجار يعرضون تمورا وطنية تم إنتاجها في السنة الماضية وتخزينها في مناطق باردة أو في آلات تبريد (فريغوات) لكي تحافظ على طراوتها. وغالبا ما تكون أثمنة هذه الأخيرة أقل من التمور الجديدة. كما تمت الإشارة إلى أنه بالرغم من سنوات الجفاف التي تمر بها المناطق الجنوبية الشرقية للبلاد, فإنها ما تزال تقاوم لتوفير تمور تتفاوت جودتها, وهو ما تعكسه التمور الموجودة في سوق درب ميلا بالدار البيضاء وأضافوا أن أشجار النخيل التي ما تزال قادرة على إنتاج التمور هي تلك التي تسقى بواسطة آليات تشتغل بالغازوال (خطارات) أو الكهرباء لجلب المياه الجوفية, مشيرين إلى أن عمليات جلب المياه, على ندرتها, تكلف الفلاحين كثيرا, مما يعني أن ثمن الإنتاج يرتفع بشكل مطرد خاصة مع ارتفاع سعر الغازوال. وأكدوا أن صنف (البوسكري) باعتباره من أجود التمور بالمنطقة بعد (المجهول) نادر ولم يعد موجودا لأن أشجار النخيل التي تنتج هذا الصنف (البوسكري) سائرة بشكل تدريجي في طريق الهلاك بسبب الأمراض خاصة (البيوض) وقلة مياه السقي. وحذروا من أن هذا النوع من التمور «»»»قد ينقرض»»»» إذا لم يتم تدارك الموقف. ويبقى سوق درب ميلا, كلما حل شهر الصيام, قبلة للمستهلكين الذين يرغبون في اقتناء التمور المحلية التي تبقى لها نكهتها الخاصة, على أن أهم شيء في هذا السوق هو أنه يذكر كل سنة ساكنة البيضاء ومدن أخرى بثروة وطنية هامة لها قيمتها الغذائية الكبيرة فضلا عن فوائدها البيئية (محاربة التصحر) مع استعمال خشبها في البناء والطهي. وحسب إحصائيات كان قد قدمها خبراء في مدينة زاكورة قبل سنتين بمناسبة انعقاد لقاء حول أشجار النخيل بواحة درعة, فإن المغرب, الذي كان يتوفر على ما يزيد عن15 مليون شجرة نخيل في بداية القرن الماضي, أصبح لا يتوفر حاليا إلا على حوالي أربعة ملايين ونصف شجرة نخيل, لأن جلها أصابه الهلاك بسبب الأمراض ونقص المياه وتوالي سنوات الجفاف. وحسب الخبراء, فإن الفوائد الغذائية للتمور لا تعد ولا تحصى, فهي تتوفر على السكريات وعدد هام من الفيتامينات تفوق تلك الموجودة في التفاح والموز وفواكه أخرى. وتعتبر التمور غذاء صحيا مركزا وطبيعيا, وتمتاز عن كثير من الأغذية باحتوائها على العناصر الغذائية المفيدة لجسم الإنسان. فالتمور غنية بالمواد السكرية (70 بالمائة) كما أنها غنية بالأملاح المعدنية وبعض الفيتامينات. وتمتاز سكريات التمور بأنها سريعة الهضم لأنها تذهب مباشرة إلى الدم ثم الخلايا الجسمية ولا تحتاج إلى عمليات هضم معقدة كما في المواد النشوية والدهنية. كما تعتبر التمور مصدراً هاماً للبوتاسيوم والحديد, وهي غنية بالكالسيوم وتحتوي على نسبة عالية من الفسفور الذي يعتبر منشطاً للقوى الفكرية والجسمية. كما أن للتمور فوائدة كثيرة في تقوية الأعصاب البصرية. والتمر يقوي الأعصاب عموماً ويلين الأوعية الدموية لاحتوائه على فيتامينات (بي1 , وبي2 , وبي6 ).