اختتم البرلمان بمجلسيه الدورة الخريفية من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية 2007 - 2012 بحصيلة تشريعية مهمة سواء من حيث عدد القوانين المصادق عليها أو من حيث نوعية هذه القوانين وأهميتها في تحسين الترسانة القانونية المغربية، وذلك في سباق مع الضغط الزمني الذي فرضته مسألة اختتام الدورة التشريعية التي يجوز ختمها بمقتضى مرسوم إذا استمرت جلسات البرلمان خلالها ثلاثة أشهر على الأقل كما تنص على ذلك مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من الدستور. ورغم أن الدورة التشريعية الخريفية تخصص بالأسبقية للدراسة والتصويت على مشروع القانون المالي، فقد تمكن البرلمان من المصادقة خلال هذه الدورة على 21 قانونا جاءت لتعزيز الترسانة القانونية المغربية في عدة مجالات انسجاما مع الإصلاحات الكبرى التي أقرتها الحكومة في العديد من الميادين ذات الطابع المؤسسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وتجسيدا لتوجيهات جلالة الملك وتوجهات البرنامج الحكومي والاختيارات الكبرى للسياسة الحكومية عندما يتعلق الأمر الى جانب القانون المالي لسنة 2010 بالقانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي كمؤسسة دستورية تفعيلا لمقتضيات الباب التاسع من الدستور، ثلاثة قوانين تهم ورش اصلاح المجال الطاقي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والتنمية، مدونة السير على الطرقات التي ستشكل دعامة قوية للتخفيف من حرب الطرق، القانون المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التي تعتبر الإطار القانوني الكفيل بحماية المستهلك وضمان الجودة على مستوى الاستهلاك الداخلي والتصدير، وكذلك الشأن بالنسبة للقانون المتعلق بالتقييس والشهادة المطابقة والاعتماد، القانون القاضي بتحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة، القانون الرامي إلى إحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف، بالإضافة إلى أربعة قوانين تهم قوانين التصفية وثلاثة قوانين تخص الاتفاقيات الدولية، علاوة على مقترح قانون وحيد يتعلق بجبايات الجماعات المحلية، الأمر الذي يطرح من جديد إشكالية التعامل مع مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان كمبادرات تشريعية للمساهمة المباشرة في العمل التشريعي بدل الاقتصار على الدراسة والتصويت على مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة بعدما أخذت هذه الوضعية طابعا مزمنا تقتضي المعالجة اللازمة حتى لا يظل العمل التشريعي أعرج من جانب واحد، خاصة عندما يصل عدد مقترحات القوانين المعروضة على اللجان البرلمانية المختصة تنتظر الدراسة والبت في 128 مقترح قانون (66 منها لدى مجلس النواب، 62 لدى مجلس المستشارين)، وذلك ضدا على مقتضيات النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الذي يتعين بمقتضاها على اللجان البرلمانية الدائمة النظر في النصوص التشريعية المعروضة عليها في أجل أقصاه ستون يوما من تاريخ الإحالة لتكون جاهزة لعرضها على الجلسة العامة. ورغم التطور الذي عرفته مراقبة العمل الحكومي من حيث تفعيل بعض آليات هذه المراقبة كما هو الشأن بالنسبة للدور الاستطلاعي للجان البرلمانية الدائمة التي بإمكانها أن تكلف بعض أعضائها بمهمة استطلاعية مؤقتة حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي معين أوموضوع يهم المجتمع أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة كما حصل خلال هذه الدورة بالنسبة للمهمة الاستطلاعية التي قامت بها لجنة تابعة للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول ارتفاع أثمان الأدوية والنتائج الإيجابة التي تمخضت عنها، فإن إشكالية مراقبة العمل الحكومي المتمثلة أساسا في جلسات الأسئلة الشفهية يومي الثلاثاء بالنسبة لمجلس المستشارين والأربعاء بالنسبة لمجلس النواب لازالت في حاجة الى إعطائها الدينامية التي تجعلها في مستوى تطلعات المواطنين بعيدا عن الطابع الروتيني الذي فقدها حركيتها، بما في ذلك بالأساس تطوير آلة الأسئلة التي تليها مناقشة والأسئلة الآنية وحرص اعضاء الحكومة على الحضور الدائم في الجلسات المخصصة للأسئلة الشفهية حتى تصبح لهذه الجلسات الدستورية الفعالية والجدوى وتحقق الأهداف الحقيقية المتوخاة منها انطلاقا من توجهات البرنامج الحكومي بتكثيف حضور القطاعات الحكومية في أشغال البرلمان حتى تتمكن المؤسسة التشريعية من الاضطلاع بدورها في التشريع والمراقبة والمساءلة على الوجه الأفضل.