في ظل الضغوط المتزايدة من المنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني الحقوقية في السنغال، أعربت الحكومة السنغالية عن استيائها الشديد من السياسات التي تتبعها السلطات الموريتانية تجاه المهاجرين. فقد تعرض العديد من المواطنين السنغاليين والماليين للطرد القسري من موريتانيا في الأسابيع الأخيرة، وهو ما أثار موجة من الاحتجاجات في السنغال. في خطوة عملية للتعامل مع هذه الأزمة، أعلنت وزيرة التكامل الإفريقي والشؤون الخارجية في السنغال، ياسين فال، عن زيارتها الاستثنائية إلى نواكشوط يوم الاثنين 17 مارس. وتهدف الزيارة إلى لقاء المسؤولين الموريتانيين لمناقشة قضايا المهاجرين غير النظاميين، مع التركيز على عمليات الطرد القسرية التي طالت عددًا كبيرًا من المواطنين السنغاليين والماليين. من جهة أخرى، حذرت منظمة "أوترا أفريكا" غير الحكومية، التي تعمل في مجال حقوق الإنسان في غرب أفريقيا، من أن الإجراءات المتبعة في موريتانيا ضد المهاجرين هي جزء من حملة طرد ممنهجة. رئيس المنظمة، سليمان ديالو، وفي تصريحاته خلال مؤتمر صحافي في العاصمة داكار، انتقد الإجراءات الانتقائية التي قالت المنظمة إنها تستهدف بالدرجة الأولى مواطني السنغال ومالي وغينيا. وقال ديالو: "لقد حذرنا مواطنينا السنغاليين من الحملات الانتقائية التي تتزايد ضد الأجانب في موريتانيا."
ورغم اعترافه بحق كل دولة في تنظيم شؤون الهجرة على أراضيها، عبر ديالو عن استهجانه لما وصفه بالممارسات "غير العادلة" التي تميز ضد دول غرب أفريقيا. كما شدد على أن معاملة المهاجرين في موريتانيا لا تتوافق مع المعايير الإنسانية الدولية، مشيرًا إلى أن القانون الدولي يفرض على الدول إبلاغ السلطات القنصلية عند حدوث اعتقالات لأي مواطن أجنبي. وبذلك، يتعين على السلطات الموريتانية توفير الظروف المناسبة لعودة هؤلاء المهاجرين بشكل قانوني وآمن.
على الصعيد الدبلوماسي، طالب ديالو السلطات الموريتانية بتوخي الحذر من تداعيات هذه السياسات على صورتها الدولية، خاصة في ظل تزايد الانتقادات الموجهة إليها من قبل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان. في هذا السياق، أثنى ديالو على الرد السريع للحكومة السنغالية، التي قدمت دعمًا قويًا لمواطنيها في الخارج من خلال مشروع قانون اعتمدته الجمعية الوطنية السنغالية مؤخراً، يهدف إلى تسريع التصديق على اتفاقية مع المغرب حول مساعدة ونقل المعتقلين. واعتبر ديالو هذه الخطوة بداية جيدة لمزيد من التعاون الإقليمي في حماية حقوق المغتربين.
كما أعلن رئيس المنظمة عن تنظيم مؤتمر دولي قريب لمناقشة قضايا الهجرة، بالتعاون مع اللجنة الدولية لمكافحة الهجرة غير النظامية. هذا المؤتمر سيجمع ممثلين عن الدول والمنظمات الدولية لمناقشة سبل معالجة تحديات الهجرة في غرب أفريقيا، ولتقديم حلول شاملة تدعم حقوق المهاجرين وتحسن ظروفهم الإنسانية.
وفي ظل هذه الأزمات المتزايدة، تظل قضية حقوق المهاجرين في غرب أفريقيا محورية. التصعيد في الطرد والاعتقال، جنبًا إلى جنب مع الظروف السيئة للمحتجزين، يبرز الحاجة الملحة للتعاون بين الدول والمنظمات الدولية لضمان حلول عادلة ومستدامة، وتوفير الحماية للمهاجرين في مختلف مراحل هجراتهم.