تدخل الأستاذ محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين باسم الأغلبية في مناقشة مشروع قانون المتعلق بمدونة السير تدخل الأستاذ محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين باسم الأغلبية في مناقشة مشروع قانون رقم 05.52 المتعلق بمدونة السير على الطرق. وفي ما يلي نص تدخله: بسم الله الرحمان الرحيم السيد الرئيس السادة الوزراء أخواتي إخواني المستشارين سعيد بأن أتدخل أمام المجلس الموقر باسم فريق الأغلبية وذلك في إطار المناقشة والمصادقة على مشروع القانون رقم 05.52 المتعلق بمدونة السير على الطرق، وذلك بعد دراسته العميقة والمتأنية من طرف الإخوة والأخوات السادة أعضاء لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية لمجلس المستشارين والمحال عليها منذ الدورة الربيعية من السنة الفارطة بعد المصادقة عليه من طرف مجلس النواب. وإننا بالمناسبة نثمن عاليا مجهودات وزارة التجهيز والنقل في عقد عشرات اللقاءات المارطونية مع أزيد من 60 هيئة نقابية وجمعوية فاعلة في القطاع المهني، معتمدة في ذلك الحوار البناء والمنفتح والتشاوري والتوافقي مع كافة الحساسيات النقابية والمهنية، التي تم توثيقها بشكل دقيق حتى تتحدد فيها الحقوق والمسؤوليات والمبادئ والأهداف المتوخاة من خلال هذا المشروع الوطني المتعلق بالسير على الطرق وذلك قبل مواصلة المناقشة داخل اللجنة المختصة بمضامين جديدة وفعالة في المنهجية. وبهذه المناسبة فإننا باسم فرق الأغلبية نشيد بنتائج الحوار المنبثقة عن مختلف الاجتماعات، ونشير إلى أننا اعتمدنا هذه النتائج والخلاصات كمرجعية في مناقشة ودراسة مختلف بنود مشروع قانون مدونة السير لنتوصل بدورنا من خلال اللجنة بعد أيام عديدة من العمل المتواصل في الأيام الأخيرة إلى خلاصات راعينا فيها وضعية كافة المواطنين أفرادا عاديين كانوا أو مهنيين وذلك خدمة للمصلحة العامة والعليا للوطن، وذلك في إطار منهجية التوافق فيما بين جميع الفرق والحساسيات السياسية لإقرار تعديلات جديدة وصلت إلى 83 تعديلا في مجملها لا تخلو من أهميته في توازن وتحسين النص. إننا إذ نتبنى في فرق الأغلبية هذا المشروع الهام وندعمه وذلك من منطلق أنه يتوخى تحقيق أهداف وغايات نبيلة لا يمكن للمرء إلا أن يصفق لها ومن أهمها: 1) المحافظة على أرواح وصحة وممتلكات مستعملي الطريق. 2) تأهيل قطاع السير على الطرق والنهوض بالمهن المرتبطة بالسلامة الطرقية. 3) حماية حقوق مستعملي الطريق ومحاربة الرشوة. 4) عقلنة العديد من المساطر من أجل جعل القانون ذا قابلية للتنفيذ على أرض الواقع. إننا نثمن عاليا تبعا لذلك ما جاء به مشروع مدونة السير على الطرق لكونه مشروعا يحمل مستجدات هامة، ويحدث القطيعة مع قانون قديم عمر قرابة نصف قرن. وإن مغاربة العهد الجديد والقرن الواحد والعشرين يتطلعون فعلا في ظل الأوراش الحكومية الكبرى القوية والجريئة، إلى اعتماد ورش إصلاحي جديد في قوانين السير، يساير بصفة خاصة البنيات التحتية الكبرى التي تعرفها بلادنا كالطرق السيارة والسريعة وفك العزلة عن العالم القروي، تمشيا مع التزايد السكاني والاستخدام المفرط للطرق الشيء الذي يحتاج إلى هذا الإصلاح لضبط السير ومرتفقي الطريق والمهنيين وحماية الأرواح والسلامة الطرقية. إن هذا المشروع يعمل على سد ومعالجة الثغرات وسلبيات القانون الحالي للسير، باعتبار أنه أتى بالعديد من المستجدات التي ينبغي التعريف بها وهي: على مستوى السائق الذي بعد قطب الرحى في هذا الإصلاح. إن المشروع الجديد يضع السائق في صلب اهتماماته، ويضبط سلوكاته حتى تكون أكثر إيجابية على نفسه وعلى الغير، وهذا ما يتطلب ضرورة إقرار ما يلي: 1) إضفاء طابع المهنية على مؤسسات تعليم السياقة. 2) إصلاح نظام الامتحان بشكل أنجع وأكثر مصداقية. 3) اعتماد مبدأ السائق المهني من خلال التكوين الأولي والتكوين المستمر. 4) إحداث نظام السياقة بالنقط. 5) تجريم السياقة تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو الأدوية. خضوعها لفحص دقيق، حتى لا تكون خطرا على الصحة والسلامة العامة للمواطنين، وهذا ما عمل المشروع الجديد على الانتباه إليه وتنظيمه عن طريق: * تنظيم وتقنين الفحص التقني ومسطرة المصادقة. * تحديد الحالات والمسطرة المتبعة لإيداع العربات في الحجز. على مستوى زجر المخالفات: من المعلوم أن مشروع القانون الجديد لم يأت بعقوبات جديدة سالبة للحرية ولا بتشديدها، بل بقي محتفظا على نفس العقوبات بالنسبة للمخالفات الخطيرة، والتي نجدها محددة في القانون الجنائي الحالي، وهكذ فإن مشروع القانون جاء بعدالة في تحمل المسؤوليات، وكذلك في تصنيف المخالفات وتحديد عقوبات كل صنف على حدة متعاملا بطبيعة الحال بنوع القساوة مع المتهورين في السياقة ومع الذين يسترخصون أرواح الأبرياء، وذلك عن طريق الاتيان ببعض المستجدات من أهمها: 1 توزيع المسؤولية بصفة عادلة بين السائق وصاحب العربة والآمر بالنقل. 2 وضع نظام تدريجي للعقوبات حسب خطورة المخالفة. 3 تشديد العقوبات الزجرية في المخالفات الخطيرة جدا. 4 اعتماد الأبحاث التقنية والإدارية المتعلقة بحوادث السير الخطيرة. على مستوى تأهيل وتحسين عملية المراقبة الطرقية: لاشك أن المغاربة المتعاملين مع الطريق يعانون من بعض الصعوبات على مستوى السير في الطرق، وذلك بسبب الغموض الذي يلف عملية المراقبة، والصلاحيات المتجاوزة من طرف البعض أثناء مراقبة السير على الطرقات، وبالتالي فإن المشروع ركز بشكل عام على تحديد صلاحيات، أعوان المراقبة الطرقية إلى حين التصالح أو إصدار أحكام قضائية في الموضوع. وإننا بهذه المناسبة ننوه بالمجهود الجبار الذي يقوم به رجال وأعوان المراقبة من أمن وطني ودرك ملكي ورجال وأطر وزارة التجهيز والنقل بهذه الصدد، آملين إيلاءهم ما يستحقونه من عناية واهتمام بأوضاعهم ليعول عليهم بشكل أساسي في تنفيذ هذا المشروع بعد إدخاله حيز التطبيق وذلك بشكل سلسل ومرن ضمانا لنجاحه وخاصة أن المشروع الجديد قد حدد عملية المراقبة عن طريق: 1 تقنين دقيق لمسطرة المراقبة مع تقليص السلطة التقديرية لفرق المراقبة. 2 إلزامية التشوير المسبق لنقط المراقبة على خلاف ماهو عليه الأمر حاليا. 3 إلزامية حمل الشارات بالنسبة لفرق المراقبة. 4 السماح للسائق في حقه في السياقة وتسهيل كيفية أداء الغرامات. 5 تمكين المخالف من الطعن في المخالفة عند الاقتضاء 6 تمكين أجهزة المراقبة من استعمال التقنيات الحديثة للتثبيت الموضوعي للمخالفات (الردارات الثابتة والمتحركة، المحطات الثابثة لمراقبة حمولة الشاحنات، جهاز قياس نسبة الكحول...) إننا في فرق الأغلبية سنعمل على المصادقة على هذا المشروع وذلك نظرا: * لكونه أتى بمقتضيات جديدة وخاصة بشأن حماية الأرواح والأبرياء. * لكونه يضفي مهنية جديدة في مجال السياقة وخاصة على مستوى: 1 سيارات تعليم السياقة التي ينبغي إحاطتها بالعديد من الضمانات حتى ترتقي الى مستوى تحمل مسؤولياتها. 2 اعتماد مبدأ السائق المهني وهو مفهوم جديد يقنن لأول مرة في ترسانتنا القانونية، وذلك استنهاضا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. 3 لكونه ينظم سلوك السائق بشكل أدق، حيث لم يعد له حق تجاوز الحدود، من خلال تتبعه نظام التقويم بالنقط أو الزجر بخصم النقط من رخصة سياقته، وهي ثقافة جديدة ترسخ فكرة ضبط سلوك السائق على الطريق ومساءلته عند التهاون المقصود أو غير المقصود. 4 لكونه في مجال المحاسبة والمسألة يوزع ويحدد المسؤوليات بدقة على الفاعلين والمهنيين ومرتفقي الطريق. 5 لكونه يعيد على مستوى الزجر والعقوبات النظر في تدقيق وتفصيل الجزاءات. 6 لكونه يتدخل في مجال متابعة العربات والمركبات ، التي أصبحت تساهم بنسبة 20% من حوادث السير وذلك عن طريق إعادة النظر في الفحوص التقنية التي كانت تتسم ببعض التجاوزات. 7 لكونه يحدد بدقة مجال المراقبة الطرقية ضابطا صلاحيتها، تفاديا لكل ما من شأنه ان يدفع ببعض السائقين الى الاضطرار الى دفع رشاوى مشاكلهم ولو كان ذلك على حساب وسلامة أرواح المواطنين. وإن المصادقة على هذا المشروع سيحقق في نظرنا كأغلبية هدفين أساسيين: أولهما: تنظيم قطاع السير الطرقي وتأهيله في إطار الأوراش الحكومية الحالية المتعلقة بتأهيل وتخليق الحياة العامة. وثانيهما: إقرار السلامة الطرقية بالحفاظ على هذا الهدر البشري المجاني على الطرقات، وخاصة حينما تصدمنا أرقام مهولة من قبيل 11 قتيلا يوميا وأزيد من 4000 قتيل، و100 ألف جريح سنويا، وهو ما يكلف ميزانية الدولة 11 مليار درهم. إننا ونحن نصادق على مشروع المدونة الجديدة ننوه بالأعمال الجبارة التي بذلتها كافة الفرق السياسية والمركزيات النقابية بمجلسنا الموقر والتي قامت بتمحصها لمختلف بنود هذا المشروع ومضامينه، ومصادقتها عليه بروح وطنية عالية، آملين أن تلتزم الحكومة بالتوصيات التي صادقت عليها لجنة المالية والتجهيز والتخطيط والتنمية الجهوية وخاصة منها: أولا: العمل على اتخاذ مختلف التدابير التحضيرية اللازمة لإدخال هذا القانون حيز التنفيذ على مراحل تبعا لما نص عليه المشروع. ثانيا: مواصلة وزارة التجهيز والنقل للمجهودات التي تبذلها ميدانيا من أجل إعداد البنيات الأساسية وخاصة بشأن مسألة التشوير ومعالجة النقط السوداء بمختلف الطرق. ثالثا: مواصلة الحوار مع المهنيين وذلك من أجل إيلاء ما يستحقه وضعهم الاجتماعي من أهمية بالغة. رابعا: تنظيم قطاع النقل السري بالعالم القروي ومسألة توزيع الرخص بعد الحوار والتشاور مع المؤسسة التشريعية. إن تأكيدنا التصويت والموافقة على مشروع مدونة السير كأغلبية برلمانية ليس من أجل السياسة الضيقة أو المصادقة من أجل المصادقة، أو التسرع بل إننا توخينا الحيطة بعد التمحيص على مدة عشرة أشهر كاملة تسمح لنا بإعداد مقومات نجاح هذا المشروع الجديد، وهي مدة كافية لنجند أنفسنا جميعا برلمانا وحكومة بمختلف وزاراتها وإداراتها ومصالحها وأحزابا سياسية وهيئات نقابية وجمعيات مجتمع مدني وإعلام مقروء ومسموع ومرئي، فرادي وجماعات لنقوم بالتعبئة اللازمة لإنجاح هذا الإصلاح الجديد. ولا يفوتني في الأخير إلى أن أسجل بأن صدور هذه المدونة، يرجع الفضل فيه إلى إسهام جميع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين. وإننا كذلك في إطار «مبدأ اعتراف بالفضل لذويه» فإننا نشيد بما قام به السيد وزير التجهيز والنقل من مجهودات جبارة من أجل تقريب وجهات النظر عن طريق الحوار والتشاور مع كافة الأطراف على امتداد عدة أشهر الشيء الذي ساهم بقدر كبير في حصول الإجماع حول هذا المشروع من لدن جميع المكونات السياسية والنقابية والمهنية.