عندما تم تعيين ستافان دي مستورا في 6 أكتوبر سنة 2021، مبعوثاً شخصياً للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، كان الاستناد في ذلك التعيين إلى القرار رقم 2548 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر سنة 2020، الذي حث جميع الأطراف على العمل لمساعدة البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي واقعي للنزاع الإقليمي. وبذلك يكون المبعوث الشخصي الحالي للأمين العام للأمم المتحدة، قد حدد للمهمة المنوطة به، الإطار القانوني، ورسمت له خطة العمل، مما يجعل خروجه علينا اليوم بمقترح خيالي يقضي بما سماه تقسيم الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية قسمين إثنين. وهو ما يعد، وبجميع المقاييس، تجاوزاً واضحاً لا لبس فيه، لقرارات مجلس الأمن الدولي، ابتداءً من القرار رقم 2548، ومروراً بالقرار رقم 2654، إلى القرار رقم 2703 لسنة 2023، التي تنبني على الدفع بالمسلسل السياسي، عبرالموائد المستديرة ، للتوصل إلى التوافق حول حل سياسي واقعي وعملي ودائم، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1541 لسنة 2004. المأزق الذي أوقع ستافان دي مستورا نفسه فيه، حتى لا نقول الخطيئة التي ارتكبها، سقط فيه أيضاً، جيمس بيكر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، من سنة 1997 إلى سنة 2004، حين اقترح على مجلس الأمن الدولي في سنة 2003 اتفاقاً عرف بمخطط السلام، وأطلق عليه (مخطط بيكر الأول)، وبعد رفض هذا الاقتراح، قدم بيكر ما عرف (بمخطط بيكر الثاني) الذي يقضي بإرساء حكم ذاتي في الصحراء، مع بقائها تحت السيادة المغربية لمدة 5 سنوات، ينتهي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، إلا أن المغرب رفض ذلك المخطط الوهمي في حينه. وهكذا يكون إثنان من المبعوثين الشخصيين للأمين العام، قد انحرفا عن المهمة الرئيسة التي انتدبا لها، مع الفارق في طبيعة الانحراف ومظهره الخارجي. لقد تعاقب على شغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، سبعة دبلوماسيين، قبل ستافان دي مستورا، هم جوهانس مانس(1990/1991)، وصاحب زادة يعقوب زادة خان (1992 /1994، وإيريك جينسن (1994/1997) وجيمس بيكر (1997/2004)، وبيترفان فالسوم (2005/2008)، وكريستوفر روس (2009/2012)، وهورست كوهلر (2017/2019 ). وكان المبعوث الشخصي الخامس بيترفان فالسوم للأمين العام للأمم المتحدة، هو الذي نطق بالحقيقة وكشف عن طبيعة النزاع، حين قال خلال تقديمه لاستقالته (إن خيار الاستقلال الذي يطالب البوليساريو به غير واقعي، وإن خيار استفتاء تقرير المصير الذي طرحه سابقاً تجاوزه الزمن). ويلاحظ أن هذا الرأي الحكيم طرح خلال الفترة التي قدم المغرب فيها مبادرته للحكم الذاتي لمجلس الأمن الدولي، سنة 2007. لقد برهنت التطورات الأخيرة التي مر بها ملف الصحراء المغربية، أن ستافان دي مستورا، لم يرجع إلى الأرشيف الخاص بملفات من سبقه في شغل منصبه الحالي، فلو أنه قرأ بتركيز واهتمام، في ذلك الأرشيف، لما وقع في المطب الذي سقط فيه سلفه جيمس بيكر، ولما تصرف بمجافاة الصواب، مما جعله يخرق قرارات مجلس الأمن الدولي، متجاهلاً أن أكثر من مائة دولة تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، منها دولتان عضوان دائمتان في مجلس الأمن، و19 دولةً عضواً في الاتحاد الأوروبي، وأكثر من ثلاثين دولة فتحت قنصليات عامة لها في العيون والداخلة بالصحراء المغربية. سقط الدبلوماسي الذي سبق له أن شغل هذا المنصب في سوريا والعراق وأفغانستان ولبنان، وحاد عن المهمة الأممية التي كلف بها من الأمين العام للأمم المتحدة، وغرق في الوهم، الذي أراد تسويقه عبر مجلس الأمن الدولي.