ستعود أسعار المحروقات، خصوصا الغازوال والبنزين إلى مقدمة انشغالات الرأي العام الوطني، إذ بعد التخفيضات الرمزية التي عرفتها خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتي لم تكن مناسبة و لا متناسقة مع تراجع أسعار هذه المواد في السوق الدولية، عادت أسعارها إلى الارتفاع بشكل مهول خلال الأيام القليلة الماضية بسبب تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة و الحرب على لبنان و أحداث كبرى تتفاعل في مناطق أخرى من العالم، وتشير التوقعات إلى استمرار هذا الارتفاع خلال الفترة الوجيزة المقبلة. ورغم أن الأمر يتعلق بأسعار تسليم ما بعد ثلاثة أشهر المقبلة، إلا أننا اعتدنا أن تسارع شركات توزيع الغازوال و البنزين في بلادنا إلى إعلان الزيادة بشكل فوري، في حين تتلكأ في الإعلان عن تخفيضات كلما تراجعت الأسعار في السوق الدولية . المهم في كل هذا أننا مقتنعون أن الحكومة تدرك جيدا حجم وتداعيات التأثيرات السلبية القوية للارتفاعات القوية التي عرفتها عديد من أسعار المواد الانتاجية و الخدماتية على القدرة الشرائية للمواطنين، لذلك تحتم الضرورة حاليا تدخلها لكبح أية زيادة في أسعار الغازوال والبنزين، لأنه وبكل تأكيد ستكون لهذه الزيادة تأثيرات على أسعار المواد الاستهلاكية والخدماتية، بأن تقنع شركات توزيع المحروقات في بلادنا بحتمية تجنب فرض زيادة جديدة و تحمل ما قد يترتب عن الزيادات في الأسعار في السوق الدولية، إن وجدت فعلا. كما أن هذه الشركات التي راكمت ما راكمته من أرباح طائلة بعد اتخاذ قرار إلغاء صندوق المقاصة وتحرير الأسعار ، الذي كان خطأ فادحا استفادت منه أوساط تجارية معينة، و تضررت منه مختلف الشرائح الاجتماعية، و هو من ضمن الأسباب الرئيسية في ارتفاع أسعار مختلف المواد و الخدمات، و هي مطالبة اليوم بتأكيد مواطنتها من خلال المساهمة من موقعها في التخفيف من الاحتقان الاجتماعي الناتج في جزء كبير منه عن أسباب خارجة عن إطار العوامل الداخلية لوحدها.