«دعا نوفل في تعليقه على تدوينة مراد إلى تجاوز مفهوم الزواج باعتباره ميثاقا تقليديا للعلاقة بين الرجل والمرأة، وتعويضه بالعلاقات الرضائية بين الجنسين.. أكتب فقرة من أربعة أسطر تناقش فيها دعوة نوفل مبينا موقفك منها». هنا رغبت في المقدمة أن أكون نزيها في النقل الحرفي لسؤال يسميه البعض ب«العلاقات الرضائية» الذي تضمنه امتحان مادة التربية الإسلامية موجه لتلاميذ الأولى بكالوريا في إحدى الامتحانات الجهوية، سؤال لا ينبغي أن يمر مرور الكرام دون أن نتوقف للحظة عند ما تخطط له فئة تتواجد بيننا من مخططات هدامة وشيطانية، فئة لم يكفها ما وصل إليه مجتمعنا من تناقضات ومظاهر شاذة تتغلغل بيننا كالسم الفتاك ولا أحد قد يتنبأ بنتائجها... قيل إن ثلاثة تقوي أضعف الأمم: العلم النافع، والعقيدة الصالحة، والأخلاق القويمة، وبالطبع، فإن ضعف هذه الأمم يختل إذا ما تم الانحراف عن واحدة من هذه الأسس المترابطة، فيكون مآلها إما الزوال، وإما أن تصيبها العِلَل والموبقات من كل النواحي. والأكيد، أن المنبع الأول للعلم يبقى بدون أدنى شك هو التعليم الناجح، المبني على مناهج سليمة تصنع الإنسان الصالح لنفسه ولمجتمعه. والأكيد أيضا أنه لا يمكن بلوغ العقيدة الصالحة والأخلاق القويمة في غياب التربية والتنشئة السليمتين داخل الأسرة والمدرسة بدرجة أولى. ولعل المشرع المغربي قد أدرك الترابط القوي ما بين التربية والتعليم، حينما سمى القطاع الوزاري المشرف على القطاع بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وأطلق كذلك اسم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على هذه الهيئة الدستورية المستقلة ذات الطبيعة الاستشارية للتفكير الاستراتيجي في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي. لكن ألا يحق لنا التساؤل، أيننا اليوم من هذا الترابط (التربية والتعليم؟) خاصة وأن مجتمعنا يعاني الكثير من المعضلات الاجتماعية التي يتحمل فيها التعليم النصيب الكبير... وهل هناك إرادة حقيقية لدى مختلف الفاعلين لبلوغ هذا الهدف ما دمنا بين الفينة والأخرى نقف على خرجات و زلات من قبل فئة بيننا، لا يهمها لا جودة التعليم ولا الأخلاق ولا التربية ولا حتى وجود مجتمع وأمة قوية ومتحدة؟ ... وهذا مربط الفرس. فئة متغلغلة بيننا ،تحمل أفكارا سامة وتوجهات مستوردة، تسعى للنيل من الأسس القوية التي طالما جعلت من المغاربة أمة قوية ومتحدة عبر قرون من الزمن، وتدفع بمجتمعنا إلى الحائط المسدود، وإيقاظ الفتنة النائمة. فئة تلعب على نار هادئة، وتلعب على وتر ما يفرق أبناء المجتمع الواحد، ويقضي على أساسه الذي ينهار في غياب ما يوحده، ويجمعه، ويقويه... وهنا نستحضر بعضا من الاستنتاجات الكثيرة التي خلص إليها الراحل علال الفاسي، المفكر والفقيه الذي سبق بعلمه زمانه، عندما أكد على التعاون والتماسك والتضامن الاجتماعي باعتباره الأساس الذي تبنى عليه الجماعة والقبيلة والمدينة، وبالتالي الدولة، وعندما اعتبر أيضا الأسرة أصل النظام الاجتماعي وأساس الحياة الإنسانية ككل. فئة لا تجد أي وازع أخلاقي و لاديني، وهي تحاول بكل السبل جر المجتمع المغربي إلى ظواهر شاذة، ونشر أفكار غريبة ومرفوضة داخله، بل وتجتهد في تسمية المحرمات بمسميات ونعوت «لايت» لعلها تنجح في مخططاتها، ومن ذلك الزنا الذي حرمته الأديان السماوية جمعاء، فاختلقوا له من الأسماء «العلاقات الرضائية» حتى أن الجرأة وصلت بهم حد تضمين هذا التعبير في الامتحان السالف ذكره في عهد وزارة تحمل وزارة التربية الوطنية والتعليم. ولعل هؤلاء يدخلون في خانة من خصهم الله تعالى بآيته الكريمة حينما قال في كتابه العزيز «ويمكرون ويمكر الله والله خَيْرُ الماكرين». وقوله تعالى أيضا في آية أخرى «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ». ليبقى السؤال الموجه لمن تفتقت عقولهم بطرح سؤال الامتحان الجهوي . ألم يكن من الأجدر ترك أمور وقضايا خلافية لذوي الاختصاص من علماء الدين، وبالمقابل تحفيز عقول الممتحنين للتفكير وتحليل مواضيع أخرى أكثر راهنية كالرقمنة والتكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي وعلاقتها مثلا بالدين الإسلامي الذي يحث على الاجتهاد بما ينفع الناس وينهى على ما يهدم المجتمعات...؟