دق وزير التجهيز والماء ناقوس الخطر حين أعلن أن حقينة السدود برسم هذه السنة تراجعت بمعدل الثلثين بالمقارنة مع السنة الفارطة، حيث تلقت فقط 500 مليون متر مكعب مقابل 1.5 مليار متر مكعب في الفترة ذاتها من السنة المنصرمة، واصفا المرحلة التي يجتازها المغرب بالحرجة في ظل دخول السنة الخامسة على التوالي من موجة الجفاف وشح التساقطات المطرية والثلجية. فعلى مدى 22 سؤالا خصصه مجلس المستشارين يوم الثلاثاء الماضي لاستفسارات همت إشكالية تدبير الموارد المائية والبدائل المطروحة لضمان استمرارية التزود بالماء سواء في شقه المتعلق بالشرب او المرتبط بالسقي، قدم السيد نزار بركة عرضا مسهبا تضمن قائمة طويلة من المعطيات والحقائق التي تهم الثروة المائية ببلادنا والتي تتأكد قيمتها الثمينة يوما بعد يوم، وفترة بعد أخرى، وسنة تلو السنة. تسريع وتيرة بناء السدود أمام هذا الوضع المقلق يقول السيد نزار بركة ارتكزت التوجهات الكبرى لعمل الحكومة بناء على خارطة الطريق الجديدة التي وضعها جلالة الملك محمد السادس انطلاقا من الخطاب الملكي السامي في افتتاح البرلمان، بشكل أكبر، إلى جانب تسريع وتيرة إنجاز السدود، على المياه غير الاعتيادية، وتكثيف برامج تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة. وكشف أن تحلية المياه أضحت من الأولويات في تدبير العجز المسجل في الموارد المائية كمعطى هيكلي في ظل تداعيات ظاهرة التغير المناخي، معلنا أن 50 في المائة من المياه الصالحة للشرب سيتم توفيرها في أفق سنة 2030 عن طريق تحلية المياه، لافتا إلى أن الحكومة أعدت مخططا لإنشاء العديد من محطات التحلية بهدف الوصول في أفق سنة 2030 إلى إنتاج مليار و400 مليون متر مكعب. وأوضح في هذا الإطار أن المكتب الشريف للفوسفاط سيقوم بتحلية 560 مليون متر مكعب، منوها إلى أن 500 مليون متر مكعب من المياه سيتم توجيهها للقطاع الفلاحي، فيما ستسخر الكمية المتبقية لإمداد الساكنة بالماء الصالح للشرب. وتابع أنه وفقا للمخطط الحكومي، ستتوفر المدن الساحلية على محطات تحلية مياه البحر والتي سيتم إنجازها في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، فيما ستخصص مياه السدود لتلبية حاجيات المدن الداخلية والعالم القروي، وكذلك السقي بالنسبة للقطاع الفلاحي، مبرزا في هذا الصدد مبدأ التضامن بين المدن الساحلية والمدن الداخلية وذلك من خلال مد قنوات الربط للتزويد بالماء الشروب وتخفيف الضغط على حقينة السدود والاحتفاظ بالمياه للمناطق الداخلية والعالم القروي والقطاع الفلاحي. استخدام الطاقات المتجددة لخفض التكلفة وأبرز أن الحكومة حرصت في إطار هذا المنظور على أن تستخدم محطات معالجة مياه البحر الطاقات المتجددة لخفض كلفة إنتاج الماء الصالح للشرب، الأمر الذي يصنف المغرب ضمن البلدان الأقل كلفة في مجال تحلية المياه على الصعيد الدولي. وأشار السيد نزار بركة في أعقاب ذلك "برنامج محطات تحلية المياه سيمكن من تجاوز الوضعية الراهنة في أفق سنة 2027، وبالتالي سنضمن تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب بنسبة 100 في المائة بالمناطق الساحلية، فضلا عن تخصيص مساحة تصل إلى 100 ألف هكتار لإنتاج المواد الغذائية الأساسية، مما سيكون له وقع إيجابي على المواطن المغربي وسيساهم في جلب العملة الصعبة". وبعدما دعا إلى تضافر جهود كل الفاعلين لكسب التحديات المرتبطة باستعمال الماء وتدبيره بشكل رشيد، أكد أنه كان من الضروري التركيز على الطلب ووقف التبذير والعمل على النجاعة المائية، وتحسين مردودية المياه من خلال اعتماد السقي بالتنقيط وغيرها من التدابير الأساسية، ثم الحفاظ على الفرشاة المائية لضمان استمرارية النشاط الفلاحي، وكذا الربط بين الأحواض المائية لاستغلال فائض المياه في المناطق الأكثر احتياجا.