ماهي في اعتبارك خصوصيات الفيلم الوثائقي؟ من أولويات الفيلم الوثائقي أن يعير اهتماما خاصا للقصة، وأن يحكي عن حياة الناس وبعض التفاصيل الواقعية. وفي اعتقادي أنه من المهم أن يكون طبيعيا وأصيلا. لكني بطبيعة الحال أفضل أن أحكي قصة لا تكون معروفة سلفا من طرف الجميع، وكل فيلم يحتاج إلى موضوع يجتذب الجمهور. وهل ثمة قدر من الإبداعية في الشريط الوثائقي؟ هذا يرتبط بالمعنى الذي نضفيه على الإبداعية. وبالنسبة لي فإن الأمر كذلك. إذ ينبغي أن يتوفر الفيلم الوثائقي على فكرة ما، وأن يتفرد في طرح الأسئلة وتجميع الصور. وفي رأيك : هل كل المواضيع صالحة لأن تدرج في الشريط الوثائقي؟ إلا المواضيع المملة. سبق لك أن أنجزت بعض الأفلام الروائية إلى جانب الوثائقية، فما الفرق بين النوعين؟ لقد أنجزت بضعة أفلام روائية في قالب رسوم متحركة، وأغلب أعمالي المبكرة هي من النوع الروائي. غير أني لا أعتبر نفسي حكواتيا، والفرق بين الشريط الوثائقي و الروائي يكمن في طبيعة الإمكانات المتاحة، وفي مخطط التصوير، والتمثيل، وفي الطريقة التي تعالج بها القصة،وفي طريقة التصوير بالطبع، كما أن الشريط الوثائقي يتميز بإيلائه أهمية أكبر للواقع المعيش. يتميز تاريخ السينما الألمانية بوفرة التجارب و التيارات، فهل مازال هناك ما يشبه هذا الغنى؟ لكن السينما الألمانية الشعبية لها نفس الطريقة في سرد القصة التي تساير ذوق الجمهور. وهذه الأفلام هي بمثابة مرآة للمجتمع وتأثير الحاضر عليها واضح جدا. وكيف يبدو لك مستقبل السينما الألمانية؟ في وقتنا الحالي ليس ثمة أكثر من 10٪ من الأفلام الألمانية التي تحظى بالمشاهدة، و هذا مرتبط بطبيعة الإشهار وطرق التوزيع. أما الاحتضان فانه يخضع لبيروقراطية معقدة. وبفضل التطور الذي شهدته السينما الرقمية فقد صار بإمكان الناس أن يوصلوا قصصهم على نطاق واسع. وفي رأيي أن السينما الألمانية ستعرف المزيد من التنوع، سواء تعلق الأمر بالأشرطة الجيدة أو الرديئة. صورت مؤخرا،بمعية المخرج المغربي فتاح الديوري، بضعة أفلام وثائقية في مدينة فاس. كيف كانت التجربة؟ رائعة. لكن الغريب في الأمر هو أني لم أكن على علم مسبق بما سنقدم على تصويره في الغد. وأنا من النوع الذي يريد أن يعرف بالضبط ماذا سيحدث. لعلها طريقة ألمانية نموذجية في مراقبة الوضع و التحكم فيه. غير أن العمل برفقة فتاح الديوري يكون دوما حافلا بالمفاجآت. وهل لديك فكرة ما عن السينما المغربية؟ خلال وجودي هنا في المغرب شاهدت لأول مرة فيلما مغربيا (موسم المشاوشة). لم أفهم القصة، لكني شعرت بخيبة أمل على مستوى التقنية المعتمدة في هذا العمل. ولا أعتقد أن هذا الشريط يقدم صورة نموذجية عن السينما المغربية، ولذلك مازال أمامي متسع من الوقت لمعرفة المزيد عنها. معظم الناس، في أنحاء العالم، ليست لديهم فكرة كافية حول السينما المغربية أو العربية. فعلى من اللوم: على ضعف الإعلام أم على تمركز الذات الأوربية (والغربية) حول نفسها؟ لا أظن أن في الأمر تمركزا حول الذات. فالأوربيون هم غير الأمريكان. وحتى بالنسبة للأفلام الأوربية فإنه يصعب عليها أحيانا أن تصل إلى الجمهور. لكنك محق إلى حد ما، لأن الأمر يرتبط أيضا بطبيعة التأثيرات الثقافية. وعلى كل حال فحتى أفلام بوليوود (الهندية) تحظى بالشعبية لدى بعض الناس. أتومن بالإنتاج المشترك على الصعيد العالمي؟ وفي أي اتجاه؟ هناك العديد من الإنتاجات العالمية المشتركة،على الصعيد الأوروبي، إلا أنها تظل أساسا مدفوعة بالهاجس التجاري. كلمة أخيرة بحكم أني أومن بضرورة التعاون مع المغاربة، فإني أتهيأ منذ الآن (بصفتي كاميرامان وموضبا) للمساهمة في بعض المشاريع السينمائية المشتركة، بين المغاربة و الألمان، والتي ستنجز في المستقبل القريب...