أصدرت محكمة الاستئناف في لندن يوم الخميس الماضي، حكما قضائيا نهائيا يقضي برفض طلب الاستئناف الذي تقدمت به منظمة بريطانية موالية لجبهة البوليساريو الانفصالية، في الحكم الابتدائي الذي سبق للقضاء البريطاني أن أصدره في نهاية سنة 2022، في شأن الدعوى التي رفعتها منظمة (WSC) والتي طالبت من خلالها بإبطال اتفاقية الشراكة التجارية بين المغرب وبريطانيا، بدعوى عدم احترام هذه الاتفاقية للقانون الدولي فيما يتعلق بالوضع القانوني للصحراء المغربية ومواردها الطبيعية، باعتبارها (إقليما متمايزا ومنفصلا عن المملكة المغربية) وبالتالي اعتبار إدراج البضائع ذات المنشأ في الصحراء المغربية غير قانوني، وأيضا اعتبار وزارة التجارة الدولية البريطانية وخزانة المملكة البريطانية اقترفتا خرقا لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي. القرار القضائي البريطاني انتصار للوحدة الترابية للمملكة المغربية، حيث اعتبر منطقة الصحراء المغربية أراضي مغربية، وأن إدراجها ضمن الاتفاقية التجارية بين المغرب وبريطانيا قانوني. وهو نفس الحكم الذي سبق للقضاء الابتدائي في بريطانيا أن أصدره خلال شهر دجنبر من السنة الماضية، ليعلن بصفة قطعية ونهائية إغلاق هذا الملف. ويذكر أن محكمة العدل الأوروبية كانت قد أصدرت قبل مدة قرارا قضائيا مخالفا، إذ اعتبرت إدراج منطقة الصحراء المغربية ضمن الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي غير قانوني. وتقدمت مفوضية الاتحاد الأوروبي في حينه بطعن في هذا الحكم أمام نفس المحكمة، وينتظر أن تحسم محكمة العدل الأوروبية في هذا الطعن في حكم يرتقب أن يصدر خلال شهر يوليوز المقبل. وهكذا فإن الحكمين الابتدائي والاستئنافي الصادرين عن القضاء البريطاني خلال أقل من سنة، يضع محكمة العدل الأوروبية أمام امتحان حقيقي فيما يتعلق بالحكم الذي يرتقب أن تصدره في نفس القضية، والذي لا يمكن أن يزيغ عما سار عليه القضاء البريطاني المشهود له باستقلاليته وبنزاهته وبكفاءته المهنية. وقد خلف الحكم البريطاني الجديد ارتياحا كبيرا في بريطانيا كما في المغرب، لأنه أضفى الطابع القانوني على الشراكة الاقتصادية بين بريطانيا والمغرب، مما قوى موقف الحكومة البريطانية ، ولأنه من جهة ثانية أقر بشرعية المغرب فيما يتعلق بالوحدة الترابية للمملكة المغربية. والأكيد أن هذا الحكم خلف تذمرا واستياء و خيبة أمل قوية في الجزائر ولدى صنيعتها جبهة البوليساريو الانفصالية، لأن هذا الحكم يمثل انتكاسة أخرى جديدة لهما معا، ومؤشرا سلبيا بالنسبة للحكم المرتقب صدوره عن محكمة العدل الأوروبية.