لست هنا في موقع الدفاع عن واقعة ينظمها القانون الذي يعلو ولا يعلى عليه، لكن عندما يصبح في الأمر الكثير من المغالطات والأكاذيب والحسابات السياسية المقيتة من قبل زمرة تسعى لدغدغة مشاعر فئة من الشعب لا ينظرون إلى أشياء كثيرة سوى من زاوية المظلومية وأن الجميع "فاسد" ولا مجال للحديث عن دولة الحق والقانون. هنا وجدت نفسي في دائرة الصحفي الذي من المفروض عليه تصحيح ما ينبغي تصحيحه وتنوير الرأي العام، خصوصا حينما يريد البعض عنوة مع سبق الترصد والتربص وتبخيس القانون، وبث الفتنة النائمة في مجتمع أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي تسيطر على العقول، ولا تفرق ما بين الصحيح والباطل. مناسبة هذا القول ما رافق تعيين يونس السحيمي كاتبا عاما لوزارة التربية الوطنية من نقاش تشتم من رائحته الحسابات الضيقة والضغينة والسعي للنيل من كفاءة إدارية وطنية، بل عوض طرح الأولويات التي ينبغي تركيز الاشتغال عليها لتصحيح مسار منظومتنا التربوية المعطوبة في سياق وطني ودولي تحاصره الكثير من التحديات، نجد من يسعى عن قصد إلى تحوير هذا النقاش وتغليط الرأي العام.
حسابات دفعت حتى من لفظهم الشعب في الاستحقاقات الانتخابية، وتناسوا أنه عندما أسندت لهم أمور التدبير الحكومي لم نكن نسمع في اجتماعاتهم الاسبوعية سوى عن تعيينات في المناصب العليا تشمل أحيانا محظوظين وأسماء مغمورة في الإدارة المغربية تفتقد للمؤهلات المطلوبة، أو من يدخلون في دائرة فلكهم السياسي المظلم، حسابات أيقظت فئة أخرى من سباتها العميق، بعدما أصبح دورها السياسي والنقابي يفتقد لأي تأثير، معتقدة أن ركوبها على حبل الكذب قد يمكنها من مكاسب طالما استفادت منها سابقا.
حسابات دفعت حتى من يسعون إلى ذر الرماد في العيون لاستغلال تعيين ينظمه القانون من أجل كسب نقاط في الوقت الضائع، فلم يجدوا سوى بعض الأقلام المأجورة والرخيصة التي رسمت الوضع وكأنه زلزال سياسي يهدد كيان حزب طالما شكل مدرسة في النضال الشريف والعفيف بعيدا عن المحاباة والدسائس وحفر الحفر...
وهي مناسبة أيضا لمن يجهلون القانون لأقول لهم بالمثل الشعبي القائل " لفراس الجمل في راس الجمال" فنحن هنا أمام واقعة ينظمها القانون شكلا ومضمونا،و حكومة مسؤولة تعي ماذا تفعل جيدا،وتعمل على عدم ترك فجوة أو فرصة لقطاع الطرق الذين يتحينون الفرص ،ويكفي أن تتم احالتهم على القانون المنظم للتعيين في المناصب العليا،وبالضبط الفقرتين الأخيرتين من المادة 4 من المرسوم رقم 412-12-2 صادر في 24 من ذي القعدة 1433 (11 أكتوبر 2012) اللتين تنصان بشكل صريح لا غبار عليه " في حالة عدم التوصل بأي ترشيح ، تتولى السلطة الحكومة المعنية، بمبادرة منها، اقتراح مرشحة أو مرشح على رئيس الحكومة لعرض تعيينه على مداولات مجلس الحكومة. وفي حالة عدم اقتراح أي مرشحة أو مرشح من قبل لجنة دراسة الترشيحات، يمكن للسلطة الحكومية المعنية أن تطلب من اللجنة المذكورة إعادة دراسة الترشيحات المقدمة لها. وإذا لم تتوصل إلى اقتراح أي ترشيح من جديد يطبق نفس الإجراء المذكور في الفقرة السابقة".
وحتى نشرح الفقرتين لأصحاب العقول الصغيرة ومن أعمتهم حساباتهم، كحال من يشرح الرياضيات ب"الخشيبات" فإن اللجنة المكلفة قانونا بدراسة ترشيحات التعيين في مثل تلك المناصب عندما لا تقتنع بملفات المترشحين للمنصب المراد التنافس عليه لا تعمل على تقديم ملف أي مرشح للسلطة الحكومية، وبالتالي فإن هذه الأخيرة يحق لها قانونا تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، كما حصل بالطبع في شأن تعيين الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية...
إنني هنا لا أدافع عن شخص بعينه فهو لا يحتاج أبدا للدفاع مادام أمر تعيينه قانونيا ولا غبار عليه بقدر ما أدافع عن حق يحاول البعض الركوب عليه...