بحضور جمع من المهتمين والحقوقيين شهد مدرج الندوات بالمكتبة الوطنية بالرباط، على امتداد ساعتين من الزمن مساء يوم الجمعة 4 دجنبر 2009، لقاء نقديا حول كتاب أفول الليل للطاهر محفوظي، من تنظيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وقد نسقت هذا اللقاء رئيسة الجمعية الأستاذة خديجة رياضي التي أكدت أن الهدف من اللقاء هو التعريف بمرحلة انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب، والمساهمة في قراءة صفحة من هذا التاريخ، ثم عرفت بالكاتب وبالكتاب الذي اعتبرته شهادة عن الذاكرة الجماعية، يقدم لنا صورة عما جرى من انتهاكات في قالب أدبي. وفي مداخلة بعنوان «أي ليل في أفول الليل؟» مهد لها الأستاذ نجيب العوفي بمدخل عن ظاهرة أدب السجون بالمغرب، التي اعتبرها كتبا سيرية تحكي جراحات الذات الساردة وجراحات المرحلة المسرودة، وتؤرخ لمرحلة تاريخية كالحة(سنوات الجمر والرصاص.) وبيّن أنها شكلت مكسبا للإبداع السردي المغربي، خصوصا في مستواها التعبيري المتميز ناهيك عن مستواها التخييلي. وبعد ذلك انتقل إلى الحديث عن كتاب (أفول الليل) الذي اعتبره سفر سجن بامتياز، يتميز بكثافة وحرارة لغته و يسجل بسخرية عذاب السجن ويؤرخ لمرحلة تاريخية من انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب، باعتباره شهادة تؤرخ لمسار اليسار الجديد. وتتمثل خصوصية الكتاب في كونه الوحيد الذي تحدث عن مجموعة 36 أو مجموعة بوغابة ومن معه. والكتاب مصوغ في شكل يوميات بدون تاريخ مما يجعله أقرب إلى المحكيات والصور القصصية لذلك اقترح تعديلا في العنوان الفرعي ليصير (محكيات من سنوات الرصاص) بدل (يوميات من سنوات الرصاص). وأكد الأستاذ (نجيب العوفي) على الطابع القزحي للكتاب الذي يجعله مغريا بالقراءة نظرا لكونه يحاذي عدة أجناس أدبية، فلا هو سيرة ذاتية أو غيرية ولا مجموعة نصوص شعرية، إنه كل ذلك وغير ذلك، إنه كتاب سجن وكفى. يقوم على التداخل بين الضمائر السردية والتداخل بين الأزمنة والأمكنة. وأشار في الأخير إلى ظاهرتين لافتتين في الكتاب وهما ظاهرة التعذيب والسخرية منه كشكل من أشكال التمرد عليه. وفي مداخلة بعنوان «محكي الاعتقال ملاحظات عامة» تحدث الأستاذ محمد معتصم عن كتاب (أفول الليل) مؤكا أن طبيعة انتاج الكتاب على شكل ملاحظات متسلسلة تفضي إلى مجموعة من الأسئلة. - أول هذه الملاحظات هي مفارقة العنوان إذ أن الأفول يرتبط عادة بالنيران كالشمس والنور فصار هنا مرتبطا بالليل. - الملاحظة الثانية أن الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أجزاء؛ الأول ركز فيه على ظروف الاعتقال مع تميز بالقدرة على على الوصف والحرص على ذكر الأماكن والتواريخ. والثاني والثالث عبارة عن جداول وأشعار. - الملاحظة الثالثة تعدد خطابات الكتاب حيث تراوحت بين المحكي القصير والمحكي السيرذاتي والرسالة والخطاب الشعري. وكلها تؤكد الذاتية والصدق. - الملاحظة الرابعة التكرار أو التكرير. - الملاحظة الخامسة أن الكتاب جامع لم يحدد له صاحبه جنسا محددا. الملاحظة السادسة وهي تميز الكتاب بالاحتباس السردي إذ هناك احتجاز للسرد في علاقة مع احتجاز الذات يتوقف في لحظة الذروة شأنه شأن سرد الليالي. وكملاحظة أخيرة اقترح إعادة تصنيف الكتاب وإعادة صياغته إبداعيا. وفي الختام طرح مجموعة من الأسئلة يلخصها سؤال جامع وهو؛ ماذا وقع؟ وبعد ذلك، قدم الأستاذ الطاهر المحفوظي شهادة أضاء فيها الكتاب وملابسات تأليفه ونشره، كما قدم صورة عن مرحلة الاعتقال وما قبله وما بعده، مذكرا بأسماء الشهداء والمناضلين.