رحلات عاملات الحقول نحو إسبانيا تستأنف مطلع شهر يناير مثل أسراب طيور تلاحق لقمة عيش مغتربة مع كل موسم شتاء، تسافر آلاف النساء المغربيات إلى حقول الفراولة الإسبانية كل سنة، عاملات اختلفت أعمارهن وسحنات وجوهن، لكن وحدهن الفقر والعوز لقمة عيش كريم، وجمعتهن معايير أخرى فرضتها الإدارة الاسبانية حتى لا يكن مشروع هجرة سرية، أغربها أن تكون أيديهن مشققة من أثر العمل الشاق في الضيعات الفلاحية. لقد اشترط على «نساء الفراولة» أيضا، ألا يكن عازبات بل أمهات معيلات لأسرهن، والأفضل أن تكن متزوجات غير مطلقات أو أرامل، لكن للأسف السلطات الاسبانية وضعت شروطا لتحمي ترابها من الهجرة السرية بعد فرار العاملات فور التحاقهن بالضيعات الفلاحية الاسبانية، لكنها لم تضع ضوابط وآليات تحمي هؤلاء العاملات من سوء المعاملة والاستغلال الذي قد يأخذ أحيانا أبشع صوره، خاصة ذلك المتمثل في التحرش الجنسي من طرف بعض مسؤولي العمال بالحقول الزراعية. لقد تقرر بعد سلسلة من الاجتماعات الماراثونية بين المصالح الحكومية المغربية ونظيرتها الاسبانية تنظيم أول رحلة للنساء العاملات في الحقول الاسبانية برسم سنة 2022 في غضون شهر يناير المقبل. وأكدت مصادر جد مطلعة عن وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن عملية مشاركة النساء المغربيات في العمل الموسمي بحقول الفراولة الإسبانية سنة 2022 ارتفع إلى 15 ألف عاملة، نزولا عند العدد الذي حددته السلطات الاسبانية. خصوصا بعد ما تأجلت عملية وصول العاملات المغربيات إلى الحقول الإسبانية، على هامش الإجراءات الاحترازية التي قامت بها السلطات المغربية بسبب فيروس كرونا، وهو ما تسبب في تأخر عملية جني الفراولة والذي تداركه الجانب الاسباني بجلب عاملات من الاكوادور والهندوراس (حسب ما نشره الاعلام الاسباني). وحسب تصريحات من الوفد الفرعي الحكومي لهويلفا، نقلتها وكالة أوروبا بريس، فإنه من المنتظر وصول العاملات انطلاقا من بداية يناير إلى منتصف مارس، على ثلاث مراحل؛ إذ في مرحلة أولى ستصل 10 آلاف عاملة، وفي وقت لاحق من الأسبوعين الثاني من شهر مارس حتى الأيام الأولى من أبريل ستصل 5 آلاف عاملة من الوافدات الجديدات. وأفادت التصريحات ذاتها بأن الدخول لم يعد مقيدا على الحدود لأسباب تتعلق بالصحة العامة، وكذلك فإن الوصول متوقع "بأمر" من ميناء طريفة الذي سيصلن إليه بالعبارات ثم يسافرن إلى مقاطعة هويلفا. وحسب ذات المصدر فقد أعطيت الأولوية للنساء اللواتي سبق تسجيلهن الموسم الماضي، كما اتخذت جميع التدابير الضرورية والوقائية من أجل تسهيل عملية مشاركة المغربيات في جني الفراولة بإقليم هويلفا، وذلك بتنسيق مع السفارة الإسبانية في الرباط. تقول السيدة لطيفة (34سنة) من نواحي الصخيرات، في تصريح لجريدة "العلم" »إنها المرة الثانية التي أتمكن من الذهاب إلى العمل في هويلفا، في الحقيقة نعاني كثيرا ونحس بالإهانة خلال تقديم الطلبات بسبب الاكتظاظ والتدافع والركل أحيانا من طرف أعوان السلطة أو عناصر عن القوات المساعدة من أجل تنظيم الصفوف، ثم خلال مرحلة الفرز من طرف اللجنة المختصة التي تفتش عن التشققات في أيدينا كدليل على الاعمال الفلاحية الشاقة وكأننا سلعة أو أكباش للبيع..». تضيف السيدة لطيفة أنها مكرهة للعمل في ظروف نوعا ما قاسية بالحقول الإسبانية بسبب سوء معاملة بعض المسؤولين عن العمال هناك، وقالت »لولا ظروفي القاسية ما اضطررت للابتعاد عن اطفالي لمدة قد تفوق ثلاثة أشهر أحيانا فأنا ام لأربعة أطفال أصغرهم لم يتجاوز سنتين، وزوجي يشتغل أحيانا في مجال البناء إن توفر له ذلك، أحاول جمع بعض لشراء بناء بيت صغير ولو في العشوائي، فنحن نقطن مع اسرة زوجي والبيت لا يسعنا جميعا». في هذا السياق نادى بعض النشطاء الحقوقيين بإقليم هويلفا، بضرورة وضع آليات رقابية للحد من المعاملة اللاإنسانية والاستغلال الجنسي الذي تتعرض له بعض العاملات.