المملكة لم تستطع بعد تحسين وضعها في مؤشر إدراك الفساد بلغة جريئة، كشف محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن معطيات ومؤشرات تفيد أن الفساد مستشري في البلاد وأن التصدي له يستدعي جبهة وطنية تضم كل الأطراف المعنية بهذه الآفة من فاعلين ومسؤولين حكوميين وهيئات المجتمع المدني.
الراشدي في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني يوم الخميس 17 نونبر 2022، اعتبر الفساد أول عائق أمام التنمية موضحا أن هذه الظاهرة عامل يعمق من الفوارق الاجتماعية والمجالية ويكبل الطاقات والقدرات. وأكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة ومحارية الرشوة والوقاية منها أن الفساد ينخر البلاد ويمس أهم ما يملك المغرب، بما في ذلك القيم الأساسية والإمكانيات التي يمكن للمجتمع المغربي الافتخار بها.
الراشدي أوضح أيضا أن المغرب اعتمد العديد من المخططات منذ 2005، ومن ذلك استراتيجية مكافحة الفساد التي انطلقت سنة 2016 وبرامج متعدد، لكن حين يتم الوقوف عند وضع الفساد في البلاد نجد أنفسنا أمام ظاهرة مستمرة في الانتشار سواء بالنظر إلى التقارير الوطنية او الدولية التي تبين أن المغرب لم يستطع تحسين وضعه في محاربة الفساد، لا على مستوى الدرجة ولا على مستوى التنقيط الذي يحصل عليه المغرب.
وأفاد أن رتبة المغرب في مؤشر إدراك الفساد تراجعت، بحيث لم يربح إلا نقطتين على امتداد عشرين سنة الماضية، مؤكدا على أن الهدف الأساسي هو تجفيف منابع الفساد في المغرب ولأن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها مطالبة بالمساهمة الفعلية في تغيير وضع المغرب على مستوى مكافحة الفساد من خلال استهداف كل شرائح المجتمع، والاستجابة للكل حاجيات وخصوصيات هذه الشرائح لإعادة الثقة بين مكونات المجتمع المغربي عبر رافعات أساسية كالتواصل والتكوين والمساهمة المواطنة.
ووقف عند دور الهيئة، الذي اعتبره دورا جوهريا من خلال التوجهات الاستراتيجية في مجال الوقاية ومحاربة الفساد وتحديد الآليات الكفيلة للوقوف عند المقومات الإيجابية التي يجب تعزيزها وتطعيم الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد بجيل جديد من هذه الآليات وبركائز قوية لتحقيق الآثار على المدى القريب والبعيد لأنه في غياب هذه الآثار، وفي غياب نتائج واضحة، لا يمكن للمواطنين الانخراط في دينامية التصدي للفساد.
ودعا الراشدي إلى تشكيل جبهة وطنية لمحاربة الفساد، الشيء الذي يستدعي تكاثف الجهود والتنسيق بين مكونات المجتمع وتتبع السياسات العمومية وتخليق الحياة العامة عبر التبليغ عن الفاسدين والمفسدين وتقديم الشكايات ضدهم، والتصدي التلقائي بالإضافة إلى معالجة المعطيات التي ترد على الهيئة من حين لآخر.
واستطرد قائلا ، إن الهيئة التي يرأسها فتحت عدة أوراش من ضمنها وضع المراجع التي تؤطر مهام البحث والتحري لما لها من حساسية، مؤكدا على مواكبتها ومصاحبتها، خاصة إن كانت هناك شبهات، مع ضمان حقوق المشتبه فيهم وحقوق الدفاع وحماية المبلغين والمشتكين والشهود وذلك لإيجاد إطار عمل مسؤول يحفظ حقوق كل هؤلاء الذين يقفون ضد الفساد والمفسدين.
وقال إن الهدف الأسمى في قضية محاربة الفساد هو الردع وذلك للحد من الأفعال الفاسدة، معتبرا الفساد له خاصة معقدة جدا من خلال تمظهراته العديدة لأن المفسدين يستغلون جميع الإمكانيات والطرق، سواء التكنولوجية أو شبكات تهريب وتبييض الأموال. وذكر أن وضع البلاد غير مرض، ولا أحد يمكنه تأكيد خلاف ذلك، وأن الامر يتطلب جرأة وإرادة باعتبار الفساد قضية معقدة، وهو ما يستدعي دينامية للتغيير واضحة المعالم للقطع مع التطبيع مع الفساد.