إن شخصية الحاج عثمان جوريو رحمة الله عليه متعددة الجوانب، يحق القول عنها أنها شخصيات في شخصية واحدة، فهو واحد من الرجال الأفذاذ الذين فقدهم المغرب في هذا اليوم، وهو صفحة من صفحات العلم والمعرفة، كانت له المساهمة الكبرى والأثر البالغ في تأسيس الحركة الوطنية، ويكفي أن أذكر أنه كان من رفاق وملازمي محمد اليزيدي وأحمد بلافريج وعمر بن عبد الجليل، كما ظل طوال حياته يوصف بالصدق والوفاء والعمل المستمر والثبات على المبادئ التي آمن بها ودافع عنها على المستوى السياسي والعلمي والديني. فقد امتاز رحمه الله بكونه من مؤسسي التعليم الحر بالمغرب، والذي لعب دورا في مقاومة مد التغريب واستلاب الهوية المغربية وزرع كل ما يمكن أن يمتص جذوة النضال والكفاح، وبذلك كانت بصماته جلية وإسهاماته مشهودة خاصة في مدارس محمد الخامس التي تعاقبت فيها أجيال وأجيال، عرفت في الفقيد عثمان جوريو الأب والمربي والموجه والمرشد والقدوة، إذ هو من الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، ومن جملة الأشخاص الذين ضحوا في سبيل الوطن، وحملوا مشعل القيم الإسلامية حتى آخر نفس.