لرفع الحرج و الضغط المسلطين على الجزائر وخدمة أجندتها الساعية الى إطالة أمد النزاع المفتعل: لهاذه الأسباب يتناوب قادة البوليساريو على التهديدات الكاذبة بتوسيع رقعة "الحرب" الوهمية بالصحراء في خطوة انتحارية جديدة تعكس مجددا النزعة الإرهابية المتأصلة في المشروع الانفصالي بمخيمات تندوف الذي ترعاه الجزائر , هدد القائد العسكري لميليشيات البوليساريو المسلحة بتنفيذ عمليات كوماندوس مسلحة تستهدف أهدافا مدنية داخل الأقاليم الجنوبية المسترجعة .
سفاح قيادة الرابوني المدعو محمد والي اعكيك صاحب السجل الحقوقي الأسود في عمليات الاغتيال و الترهيب داخل مخيمات تندوف منذ نصف قرن , صرح في شريط مرئي أن قرار البوليساريو العودة إلى العمليات العسكرية المسلحة لن يستثني أي منطقة بجنوب المغرب و سيتخذ في مستقبل لم يحدده شكل عمليات كوماندوس .
و ليست هذه المرة الأولى التي تطلق فيها قيادة البوليساريو الإرهابية تهديدات إرهابية مباشرة بالاعتداء المسلح على أهداف مدنية بتراب الصحراء المغربية، فقد سبق لنفس القيادي الانفصالي أن توعد الخريف الماضي المجتمع الدولي والمؤسسات التجارية و الشركات الأجنبية بالتحول الى أهداف عسكرية لميليشيات البوليساريو في حالة عدم توقيف استثماراتها وأنشطتها بجنوب المملكة المغربية .
و كانت القيادة الانفصالية بايعاز من الجزائر قد أعلنت التصعيد العسكري شهرا بعد اعلانهما معا و في وقت متزامن عن رفض قرار مجلس الأمن الصادر نهاية أكتوبر الفارط و الذي دعا جميع الأطراف لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة وبحسن نية في أفق التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية .كما أعلنت جبهة الرابوني في تحد سافر للمنتظم الأممي تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في شتنبر من سنة 1991 برعاية الأمين العام الأممي . و يجمع المتتبعون على أن التهديدات الانفصالية المتكررة بالتصعيد بقدر ما تفضح الميول و القناعات الإرهابية لجبهة البوليساريو فإنها تظل مجرد فقاعات إعلامية استعراضية الهدف منها استدرار اهتمام الإعلام الدولي بالقيادة الانفصالية بتندوف التي تعيش عزلة دولية غير مسبوقة و تقهقرا ميدانيا شاملا لم تسعفه حتى البلاغات العسكرية اليومية الكاذبة للجبهة التي تتحدث يوميا منذ قرابة السنتين عن هجمات انفصالية وهمية لا يصدقها و يسوقها الا الإعلام الرسمي للجزائر الموجه بإرادة و أجندات جنرالات قصر المرادية .
التصريحات العنترية و الدونكيشوتية لقيادات البوليساريو تخفي أيضا جوانب متعددة من الصراعات و التناحرات الداخلية بين أقطاب القيادة الانفصالية والتي دفعت زعيم الانفصاليين المدعو إبراهيم غالي الى اجراء عدة تغييرات متتالية في مواقع المسؤولية و الريع بأجهزة الجبهة , في محاولة يائسة للملمة شظايا الهيكل الانفصالي الذي تشل حركته التطاحنات الداخلية حول مناصب القيادة لعل ابرزها خروج العديد من قيادات الصف الأول من مؤسسي الجبهة بتصريحات و مواقف علنية تهاجم زعيم الجبهة و تدعوه للتنحي بعد مسلسل النكسات الدبلوماسية و السياسية التي تلقتها الجبهة منذ تنصيبه من عسكر الجزائر كدمية مأمورة و موجهة لقيادة المشروع الانفصالي .
خرجات عناصر القيادة الانفصالية المتسلسلة للتهديد بتصعيد الحرب و توسيع رقعتها الجغرافية يبتغي أيا تحقيق أجندة جزائرية تسعى لعرقلة مهمة الوسيط الأممي، ستيفان دي ميستورا، قبل تنفيذ خططه السياسية التي ستجبر الجزائر صاغرة و تحت ضغط المنتظم الدولي على الجلوس رغم أنفها بطاولة الموائد المستديرة التي أعلنت رسميا قبل سنة و نصف و عدم المشاركة فيها مما سيترتب عنه ردة فعل داخلية و صادمة للرأي العام الداخلي بالجزائر الذي سيعاين تناقضات مواقف قيادته السياسية و العسكرية .
و للتنصل من هذا الموقف المحرج لجنرالات قصر المرادية لم يتبقبالمنطقة تجمد المسار السياسي الأممي و تمنح الجزائر المزيد من الوقت و هامش المناورات لإعادة ترتيب أوراقها واجنداتها بالمنطقة مهما تطلب الأمر من إطالة متعمدة و مدبرة لأمد النزاع الإقليمي المصطنع حول الصحراء المغربية .