شهدت مدينة سلا المجاهدة بفضل رجالاتها بدءا بسيدي أبوبكر القادري أيقونة الكفاح ورفاقه محمد البقالي، عبد العزيز النجار، أحمد بليماني، عبد الرحيم بوعبيد، الطاهر زنيبر ونسائها أمثال الفقيدتين للارقية المرانية وفاطمة زنيبرية وصولا إلى شهداء انتفاضة 29 يناير 1944 المقدم الجلالي الفيلالي، محمد الزهواني، محمد الخلافة، بلال الصحراوي، بوعزة العربي الحسناوي واخناتة الروندة، شموس الكفاح والنضال في هذه المدينة المجاهدة في انتفاضة تاريخية؛ حيث كانوا يجوبون شوارعها وأزقتها الضيقة، وبيوتها السلاوية العريقة انطلاقا من المسجد الأعظم بسلا، حيث اجتمع كل أهل سلا، شباب وشيبا نساء ورجالا، وقرؤوا اللطيف جماعة ثم في كلمة مقتضبة لبعض زعماء الوطنية بسلا بقيادة الفقيد المجاهد أبو بكر القادري عبّر الجميع على دعم ومساندة مضمون وثيقة الاستقلال في شقيه، المرتبط أوله بضرورة الاستقلال والحرية وطرد المستعمر ووحدة تراب المغرب تحت ظل صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى المغفور له محمد بن يوسف، والشق الثاني المرتبط بتحقيق الديمقراطية عبر إحداث نظام سياسي ديمقراطي تحفظ فيه حقوق سائر عناصر الشعب المغربي وسائر طبقاته وتحدد فيه واجبات الجميع، فواجهوا في أجواء الفخر والاعتزاز، قوات الاحتلال الفرنسي، وبشراسة ووطنية عالية وباستنكار لحملات التقتيل والتنكيل والاعتقالات التي كانت سائدة حينها، وذلك في سبيل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، لقد كانت لحظة وصول الجماهير بباب الخباز (باب بوحاجة) بفيالق العسكر الاستعماري من فرنسيين وسينغاليين محاولين توقيفهم وعدم مواصلة مسيرتهم التي كان مخطط لها وهي الوصول إلى القصر الملكي بتواركة وتبليغ جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه دعم سلا لوثيقة الاستقلال التي قدمها حزب الاستقلال في 11 يناير 1944 واستعدادهم للنضال والاستشهاد من أجل الحرية والاستقلال. كان المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بالمعهد المولوي لما نُقل الخبر إليه، طيب الله تراه، فما كان منه إلا أن التحق بصفوف المتظاهرين في ذلك اليوم، حيث أكد أن هذا التاريخ سيظل عالقا بالذاكرة، ألا وهو 29 يناير 1944 حين اكتسح المغاربة بالتوالي جل الشوارع بالعاصمة الرباط مطالبين بدورهم باستقلال المغرب، ونفس الوضع بفاس يوم 31 يناير 1944 ثم مكناس وأزرو وباقي مدن المغرب.
كما ألح جلالة الملك طيب الله تراه المغفور له محمد الخامس على الإفراج عن جميع المعتقلين الوطنيين وفي مقدمتهم قيادة حزب الاستقلال ولكن جاء الجواب الهمجي من قوات الحماية حيت قامت بإنزال عسكري وطوقت المدن المنتفضة وواجهت المجاهدين بالرصاص الحي وما كان منهم إلا أن دافعوا عن أنفسهم بكل بسالة وشجاعة وحب في الحرية.
روى الشهداء الأبرار أرض هذا المغرب بدمائهم وحريتهم واعتقل من أعتقل في سجون الاحتلال القاسية، ومات ودفن من أراد له الله الاستشهاد. ونحن اليوم، السبت 29 من يناير 2022، وكشباب استقلالي، فخورون ونحن نحتفى بالذكرى الثامنة والسبعين ونحن نترحم على هؤلاء الشهداء اللذين نعانق في حضرتهم تاريخنا المشرف والحر ونمنح لذكراهم كل الحب والتقدير وهذه الإشراقة كانت نتاج تشبث مناضلي حزب الاستقلال بهذه العادة الحميدة وهي الوفاء ثم الوفاء لجيل الرواد الماهدون.
فأنا كمغربية حرة أعتز بوطني، وبتاريخي، وبحزبي العتيد، وكذا بتواجدي بين صفوفه كمناضلة تفخر بما خلفه الأجداد وتسعى إلى نقله عبر هذا المقال إلى جيل الشباب بغاية انخراطه في العمل الجمعوي والحزبي الجاد من أجل مواصلة معركة الوحدة الترابية والتنمية الوطنية الشاملة.