مراكش تحتضن لقاء علميا يقارب الدور البارز لملحمة المسيرة الخضراء وأهميتها في مسلسل استكمال الوحدة الترابية للمملكة احتضنت كلية الآداب بمراكش، مؤخرا، ورشة علمية تحت عنوان "المسيرة الخضراء منعطف محوري في تاريخ المغرب المعاصر"، نظمت بمناسبة الذكرى ال46 للمسيرة الخضراء المظفرة، وتم تسليط الضوء خلالها على أهمية هذه الملحمة باعتبارها محطة بارزة في مسلسل استكمال الوحدة الترابية للمملكة.
وتمحورت مداخلات المشاركين في هذه الورشة، التي نظمها مختبر المغرب والحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط : التاريخ- التراث والموارد، وشعبة التاريخ والحضارة وماستر الجبل في تاريخ وحضارة المغرب، "حول مسار دفاع المغرب عن وحدته الترابية منذ تعرضه للهجوم الاستعماري خلال القرنين 19 و20، مع الوقوف عند أهم محطات استكمال وحدته الترابية، والذود عن كل شبر من أراضيه الصحراوية".
كما هدفت إلى الوقوف عند سياق حدث المسيرة الخضراء في غرس قيمه وعبره الوطنية والإنسانية في وجدان الطلبة، وتعزيز قيم حب الوطن والانتماء إليه، فضلا عن ترسيخ ملكة البحث معرفيا ومنهجيا لدى الطلبة في موضوع ملحمة المسيرة الخضراء.
وأكد عميد كلية الآداب بمراكش، السيد عبد الرحيم بنعلي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، على أهمية حدث المسيرة الخضراء في تاريخ المغرب المعاصر، باعتباره تجسيدا للتلاحم بين الملك والشعب.
وقال إن الأمر يتعلق بحدث "فريد من نوعه، سواء من حيث الفكرة أو التعبئة المجتمعية التامة وراء الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه، الذي فتح سبلا كثيرة للتنمية المستدامة بالأقاليم الصحراوية، والتي ظلت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تعززها وترسخها وترسم لها آفاقا واعدة وفق النموذج التنموي الجديد".
من جهته، تطرق الأستاذ محمد مسكيت، في مداخلة بعنوان "تطور موقف هيئة الأممالمتحدة من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية"، إلى كفاح المغرب ضد الوجود الاستعماري في الصحراء، و"مراحل تحقيق وحدته الترابية خلال المرحلة الاستعمارية"، مستعرضا مسار دفاعه الدبلوماسي المستميت عن صحرائه منذ الستينات داخل أروقة الأممالمتحدة، مذكرا بمختلف مشاريع الحلول المقدمة من طرف المغرب والهيئة، والتي "ظلت الأطراف الأخرى متعنتة إزاءها".
من جانبه، تحدث الأستاذ إلياس فتوح في مداخلته عن "المبادرة المغربية لتخويل الصحراء حكما ذاتيا" بوصفها حلا جديا وواقعيا ثمنته العديد من الأطراف والهيئات الدولية، ولقي ترحيبا واسعا أزاح الجمود الذي عرفته قضية الصحراء المغربية منذ فشل مشروع الاستفتاء، مؤكدا أنها "مبادرة تبرهن على جدية المغرب في إيجاد حل سلمي يرضي جميع الأطراف، والذي من دون شك سيكون مدخلا معززا لخطة التنمية بالأقاليم الجنوبية في إطار النموذج التنموي الجديد".
بدورها، أشارت الأستاذة خديجة القباقبي اليعقوبي، في مداخلة حملت عنوان "الصحراء المغربية جذور تاريخية: واد نون من خلال وثائق دار إليغ"، إلى أهمية التواصل القائم بين أهل الصحراء والسلاطين العلويين، حيث أوردت مجموعة من الوثائق والحجج الوثائقية المحفوظة بدار إليغ، "التي تثبت استمرارية العلاقات السياسية والدينية والروحية بين مغاربة الصحراء وسلاطين الدولة العلوية".
أما الأستاذ محمد اسموني، فعالج في ورقة علمية بعنوان "الأبعاد القومية للمسيرة الخضراء"، منسوب الشعور الوطني الذي طبع المسيرة الخضراء من جهة، فضلا عن مقومات الهوية المغربية التي احتضنتها والمتمثلة في التاريخ والأرض والدين والمصير المشترك"، و"التي صاغت ما نسميه اليوم بروح المسيرة الخضراء من جهة أخرى".
وخلص المشاركون في هذه الورشة العلمية إلى "كون النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية مجرد محاولة من الأطراف المناوئة لبلدنا كبح مساره التنموي المتميز".
كما تم الوقوف عند أهمية الكشف عن مختلف الوثائق المتعلقة بالصحراء المغربية وبحدث المسيرة الخضراء، في دور الأرشيفات بالمغرب والخارج. ويتعلق الأمر بالمراسلات والمذكرات والصور والروايات الشفهية..، وجمعها وتصنيفها وتحليلها وحفظها، مع تيسير سبل الولوج إليها من طرف الباحثين والطلبة قصد تجويد البحث في هذا الحدث المفصلي في تاريخ المملكة.