حمضي: أساس سلامتنا ونجاح بلادنا التضامن والثقة والاستباقية والاعتماد على العلم قال الدكتور الطيب حمضي الخبير والطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية إن الحرب ضد الجائحة بدأت ببلادنا بطريقة استباقية، مبنية على العلم والعلم وحده، تضامنية، شفافة، وبثقة قوية تحت قيادة جلالة الملك وبإشرافه المباشر، معتبرا ذلك هو جواز الثقة. مؤكدا أن نفس الروح هيمنت على المراحل اللاحقة من هذه الحرب، وخصوصا مرحلة التلقيح ضد الوباء. هذه الروح وهذه المواجهة القوية التي تخوضها بلادنا يدا في يد بين المجتمع والدولة هي التي حمت صحة وحياة المواطنين، وحمت مدرسة أبنائنا، وحمت اقتصادنا ومصادر رزق شعبنا، وبوأت بلادنا المراتب الأولى عالميا في هذا المجال، وسمحت لبلادنا أن تعزز مكانتها ودورها الريادي إقليميا وجهويا وقاريا، واستشراف المستقبل بثقة أكبر وبمشاريع عملاقة لصالح المواطن والوطن.
وأضاف أن هناك دول لم تتمكن من التوفر على اللقاحات في الوقت وبالكميات المطلوبة، وأخرى على العكس تتوفر على اللقاحات ولكنها مع ذلك لا زالت تعاني من ويلات الجائحة بسبب غياب الثقة. ما دفع أزيد من 24 مليون مغربي لحد اليوم للإقبال على اللقاح هو أساسا الثقة التي يضعها عادة المغاربة في اللقاحات، والثقة التي وضعوها اليوم في الحملة الوطنية للتلقيح التي سارت وتسير بشكل تضامني، عادل وشفاف وتكافؤ الفرص بفضل المجهودات التي يبدلها المواطنون وكل أجهزة الدولة تحت الإشراف المباشر لجلالة الملك. هذه الروح هي سبب تفوقنا وسبب تطلعنا الى المستقبل والى مغرب ما بعد كوفيد 19 أقوى مما كان عليه قبل الجائحة، في وقت ستخرج العديد من الدول من الجائحة منهكة ومثقلة بالمشاكل لعدة سنوات قادمة.
وشدد الطبيب في ذات السياق على ضرورة تسريع الحملة الوطنية للتلقيح لتشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين المغاربة ووصول ال 80% من الساكنة، منها ما يجب أن يفوق 97% من المسنين وذوي الأمراض المزمنة و 90% من البالغين وأغلب الأطفال والمراهقين. مشيرا في الوقت ذاته على أن الفئات المسنة وذوي الأمراض المزمنة والتي مضى على تلقيحها أزيد من 6 أشهر ، في حاجة ماسة ومستعجلة إلى حقنة معززة تحميها.
وأبرز المتحدث أننا اليوم ناجحون في التحكم في الحالة الوبائية وفي التلقيح، لكن ما زالت امامنا تحديات منها الموجة المرتقبة والمرتبطة بالفصل البارد التي تضرب أوروبا الآن، وتحدي الطفرات والمتحورات الجديدة، كما يواجهنا تحدي طول مدة الجائحة بسبب عدم عدالة توزيع اللقاحات عالميا، وكذا تحدي إنعاش الاقتصاد المغربي والمقاولة المغربية مصدر رزق المغاربة ومصدر قوة مكانة بلدنا.
وأكد حمضي أن خيار رفع الإجراءات التقييدية كليا غير وارد بسبب هذه التحديات وعدم كفاية نسبة التغطية باللقاح التي تضمن عدم الضغط على المنظومة الصحية. كما أن خيار البقاء داخل خندق الإجراءات التقييدية حتى نهاية الجائحة بسبب غير الملقحين لا يمكن القبول به ولا تحمله. وخيار العودة للاحتماء بالتدابير الصارمة من حجر وتعليم عن بعد وتعطيل الاقتصاد بسبب التطورات الوبائية المفاجئة هو احتمال يجب عمل كل شيء حتى لا يكون واردا.
وأبرز حمضي دور جواز اللقاح معتبرا إياه أحد أدوات التدخلات الطبية الغير دوائية التي تمكننا من العودة السريعة والآمنة لحياة شبه طبيعية متحررين من أكبر عدد من القيود لأكبر عدد من الساكنة، أي الملقحين، في انتظار التحاق الغير ملقحين بهم.
وأضاف المتحدث أن جواز اللقاح هو أحد الأدوات كذلك الذي يساعد المترددين على حسم تخوفاتهم أو ترددهم واتخاذ القرار الذي يتوجب اتخاذه. موضحا أن حدود وشروط ومجالات استعمال جواز اللقاح تختلف حسب الدول وأوضاعها وحاجياتها وامكانياتها وسلوكيات ساكنتها: حسب الحالة الوبائية الحالية وتطوراتها المحتملة، مستوى التلقيح، القدرة على إجراء التحاليل بشكل واسع، قدرة المنظومة الصحية على استيعاب الضغط، التزام الساكنة بالإجراءات الوقائية الفردية والجماعية وبشروط العزل وتتبع المخالطين عند الضرورة، القدرة الاقتصادية ...
وقال حمضي أننا في المغرب أمام خمسة ملايين متخلفين عن اللقاح، فيهم عدد قليل جدا من مناهضي اللقاحات لأسباب نفسية أو سياسية او أيديولوجية او غيرها من الأسباب، و الغالبية المطلقة لا علاقة لها بهذا المنطق، بل لها تخوفات واسئلة وملاحظات ومناقشات مشروعة وخصوصا في ظل أزمة صحية غير مسبوقة.
وأكد المتحدث أن المغرب ربح أشواطا مهمة في حربه ضد الجائحة بالتضامن والثقة، وما تبقى من زمن الجائحة سيتم ربحه بنفس الروح. مشيرا إلى أن إقبال المترددين على التلقيح، وإقبال الفئات ذات الأولوية على الحقنة الثالثة هو خيار السلامة والأمان لهؤلاء أنفسهم، وخيار الحماية لمحيطهم وشعبهم، وخيار حماية مدرسة أبنائهم وإخوتهم، وخيار انتعاش مصادر رزق مواطنيهم، وخيار العودة السريعة للحياة الشبه طبيعية بالنسبة لهم ولكل غيرهم.
وكشف الخبير عن إمكانية تسريع عملية التلقيح أكثر وتعزيز تطعيم الفئات المحتاجة للحقنة الثالثة وفق المعطيات العلمية العالمية و المعطيات الوبائية الوطنية، بنفس روح الثقة والتضامن وعدم وضع أي مواطن عرضة لخطر الإصابات ولا تعريض الوطن للبقاء تحت رقبة الإجراءات التقييدية او تشديدها أكثر في كل مناسبة.
وفي هذا الصدد وبناء على المعطيات العلمية المتوفرة لحد الساعة وتجارب الدول الأخرى والحالة الوبائية والسيناريوهات المحتملة اقترح الباحث مجموعة من الإجراءات منها:
اعتماد صيغة الجواز الصحي على غرار باقي الدول ، بما في ذلك اللقاح والتحاليل السلبية والشفاء من كوفيد، وهي كلها أدوات لخفض المخاطر.
* اعتماد هذا الجواز حاليا في الأنشطة الغير أساسية، وإعلان تاريخ محدد مقبل لتعميمه التدريجي على الانشطة الأخرى, * فك الارتباط في الوقت الحالي بين الجواز الصحي والحقنة الثالثة، وربط ذلك بتطور المعطيات في الأسابيع والأشهر المقبلة وطنيا وكونيا بشكل تناسبي مع هذه المعطيات. مع التأكيد على الأهمية القصوى للحقنة المعززة بالنسبة للفئات ذات الأولوية المستعجلة والتواصل معها لتعزيز مناعتها، ومتابعة تطور المعطيات لباقي الفئات. * مراقبة تطور سير اللقاح وتكييف ذلك مع تطورات الوضعية الوبائية والاحتمالات الواردة بتواصل دائم مع الساكنة ومشاركتها. * إقرار المزيد من إجراءات تخفيف الإجراءات التقييدية بشكل تدريجي وآمن بالنسبة للملقحين ولفائدتهم وفائدة المقاولات والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، بربط مع الجواز الصحي وإعطاء معنى وقوة لهدا الجواز.
وخلص الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية إلى أن التلقيح أساس خلاص المغاربة وخلاص البشرية من هذه الجائحة، بجانب الإجراءات الوقائية، والامل الذي تعطيه لنا اخبار نجاحات بعض الادوية المضادة لكوفيد. والثقة والتضامن هما أساس انخراطنا الجماعي والواعي في جبهة الحرب. هذان العنصران هما عماد جواز الثقة الذي بوأ بلادنا المراكز المتقدمة عالميا. معتبرا أن هذه الحرب، حرب حقيقية ضد الجائحة نخوضها جميعا وبنجاح بقيادة جلالة الملك، وتحت قيادته نواصلها بنفس الحماس والالتزام للخروج من الجائحة، وللعودة قبل ذلك إلى حياة طبيعية ضمن كوكبة الدول القلائل التي ستنجح في الانتعاش ابتداء من الأشهر القليلة المقبلة.