تلوث في المجالين البحري والجوي و هجرة قسرية للأسماك في الوقت الذي يتابع فيه الرأي العام المغربي والإسباني، عن كثب تطورات الوضع بأرخبيل الكناري الإسباني، المقابل للسواحل الأطلسية المغربية، يواصل بركان «كومبري فييخا» بجزيرة «لابالما» السياحية، وللأسبوع الثالث على التوالي، قذف صهراته وحممه السوداء، البالغة درجة حرارتها نحو ألف درجة مئوية، والمحدثة لانفجارات مدوية وأصوات وهسيس المواد المنبعثة.
كما لا تزال سحب من الرماد والدخان تحوم فوق قمة الجبل البركاني، ووصل ارتفاع الحمم لحوالي 15 مترا، واتجهت السيول الحممية نحو شاطئ البحر، وابتلعت في طريقها المنازل والطرق، وتسببت في دمار واسع النطاق، وسط رعب الساكنة، التي قررت مغادرة الجزيرة عبر استعمال العبارات، بعد إغلاق مطار الجزيرة، بسبب استحالة نزول أو صعود الطائرات، نتيجة السحب السوداء التي تغطي المنطقة، كما قامت السلطات المحلية بعمليات إجلاء كبيرة، حيث تجاوز عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم 6 آلاف شخصا، من أصل 82 ألف نسمة يقطنون بجزيرة «لا بالما»، حسب إحصاء سنة 2015 ، كما تم إجلاء المواشي أيضا، فيما رفعت درجة التأهب للون الأحمر، كما تم إعلان حظر للتجوال بالمناطق المحاذية للبركان.
وتواصل السلطات الإسبانية مطالبة الساكنة المحلية بتوخي الحذر الشديد والابتعاد عن منطقة الثوران، لتجنب المخاطر المحتملة، كما ألزمت المئات من السكان بإخلاء عدد من المناطق بعد تجهيز ملاجئ مؤقتة، ودعت أيضا الساكنة إلى ضرورة غسل الخضروات والملابس بالماء والمطهرات والمعقمات لتجنب تناول الرماد السام.
وتقطن بجزر الكناري جالية مغربية مهمة تقدر بحوالي 30 ألف شخص، وتم إجلاء العديد من العائلات المغربية، فيما سارع آخرون إلى الابتعاد عن محيط البركان وخصوصا بالقرى المجاورة. وكانت السلطات المحلية قد دعت في وقت سابق، سكان القرى المجاورة بالتأهب والاستعداد لمغادرة منازلهم، مباشرة بعد وقوع زلزال بقوة 3.8 درجات على مقياس ريختر، وشعور السكان باهتزازات قوية بسبب النشاط الزلزالي على السطح. ويشار أنه وقع أكثر من 60 زلزالا بدرجات متفاوتة في جزيرة «لابالما» خلال الأسبوع الماضي. وحسب وسائل إعلام كنارية، فإن الثوران البركاني الذي بدأ نشاطه يوم الأحد 19 شتنبر الماضي، خلف أضرارا مادية كبيرة، بلغت التقديرات الأولية نحو 90 مليون يورو (105 مليون دولار)، حيث تم تدمير أكثر من 800 منزل في المنطقة، وأثر الرماد المنبعث منه على أكثر من ألف هكتار من الأراضي الزراعية، من بينها حقول الموز. الأمر الذي دفع الحكومة المحلية على إثرها، وبدعم من حكومة مدريد اقتناء مشروعين سكنيين، يضمان 73 عقارا لإيواء الآلاف من الذين أصبحوا بلا مأوى. ووفق بيانات صادرة عن حكومة جزر الكناري ومعهد علم البراكين فيها، فإن إجمالي المساحة التي تغطيها الحمم البركانية السوداء المتدفقة وصلت 431 هكتارا، فيما بلغ طول المساحة التي تغطيها سيول الحمم البركانية حوالي 40 كلم، وعرض 1.25 كلم، حسب المعطيات ذاتها. وفي الوقت الذي كسا الرماد السام المنطقة المحيطة بالبركان، وغطت سحابة سميكة سوداء الجزيرة، وامتدت الآن على نحو خمس كيلومترات في الهواء، قال مختصون بدراسة البراكين بإسبانيا إن الغازات الناتجة عن الانفجار البركاني ضارة جدا بصحة الإنسان والنباتات والمياه والجو. وحسب وكالة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي، يتوقع ويحتمل أن تحمل الرياح الغربية السحب السوداء والغازات المنبعثة في الأيام المقبلة باتجاه الشرق (أي في اتجاه الأقاليم الجنوبية المغربية التي تبعد عنها سوى ب 500 كلم). كما أشارت اللجنة العلمية الإسبانية للوقاية من مخاطر البراكين إلى أن امتداد الساحل الجنوبي الغربي لأرخبيل الكناري معرض لخطر وقوع انهيارات أرضية وحوادث تساقط الصخور. ويتوقع معهد علم البراكين بجزر الكناري، أن يستمر ثوران بركان «كومبري فييخا» لما يقارب ثلاثة أشهر، كما يتوقع أيضا أن ينفث البركان ما بين 6 آلاف و11 ألف و500 طن من ثاني أكسيد الكربون يوميا في الغلاف الجوي، مما سيشكل خطرا على المحيط البيئي، إن صاحبه انبعاثات كبيرة من الغازات والدخان. كما أن تساقط الأمطار من شأنه أن يزيل هذه الغازات من الجو وينزلها إلى الأرض، لكن سينتج عنه هطول أمطار حامضية، وهي ذات تأثير سلبي على الغطاء النباتي، وعلى عدد من الأشخاص الذين يعانون من أمراض الربو أو الحساسية أو الجهاز التنفسي، كما يمكن أن تتشكل أبخرة سامة عندما تختلط المياه المالحة بالحمم البركانية، التي تبلغ درجة حرارتها ألف درجة مئوية. وتحتمل وسائل الإعلام الإسبانية، حدوث موجات تسونامي قد تضرب جزر الكناري وأيضا سواحل المغرب، وتتسبب أيضا في تدفق حمم بركانية أو وصول انبعاثات الغازات للمناطق المحاذية. ويتابع المعهد الوطني المغربي للجيوفيزياء عن كثب، تداعيات ثوران بركان لابالما، ترقبا لأي تطورات محتملة، من شأنها أن تؤدي إلى تبعات جيولوجية محتملة. في هذا الصدد، أكد مسؤول بالمعهد الوطني في وقت سابق، أن سيناريو حدوث تسونامي بفعل تأثير الانفجار البركاني هو سيناريو متشائم، وأضاف بأن المعطيات الأولية تؤكد أن الأمر يتعلق بانفجار بركاني محلي. وكانت صور الأقمار الاصطناعية قد بينت أن بعض الغازات وصلت إلى شواطئنا بالمناطق الجنوبية، لكن المعهد المغربي أكد أنها لحد الآن لا تشكل أية خطورة. وأشار أيضا إلى أن ثوران البركان كان منتظرا، على أساس المعطيات التي جمعتها فرق المراقبة بعين المكان عن طريق محطات (جي بي س) الثابتة، ووفق البيانات الجيوفيزيائية، سواء المتعلقة بالزلازل أو الغازات المنبعثة أو التشوهات الحاصلة على مستوى القشرة الأرضية. ووفقا لمصادر إعلامية إسبانية، فهذه هي المرة الأولى التي يثور فيها بركان "كومبري فييخا" بجزيرة لابالما منذ عام 1971.