8 شتنبر، سيظل يوما مشهودا في تاريخ المغرب الحديث، اليوم الذي انتصر فيه صوت الشعب وأظهر فيه المغاربة للعالم أجمع عمق نضجهم، وكبير وعيهم وانهم قادرون على تحديد مستقبلهم، من خلال اختيارهم لمن هم قادرون على تحقيق آمالهم. وحيث إن حزب الاستقلال يعتبر ضمير الأمة، وخير مدافع عنها، بوأته أصوات الناخبين الرتبة الثالثة في المشهد السياسي المغربي، هذه المكانة التي تبوأها الحزب، توضح بجلاء تجدره ووقوفه الدائم إلى صف الجماهير الشعبية، غير ممتط صهوة بيع الدمم، أو تغيير الواقع، بل إن صدق خطابه، وعمق تحاليلهوإنصاته لنبض الشارع، وواقعية برامجه كانت وراء هذا الانتصار العظيم.
الآن وبعد أن اتضحت صورة المشهد السياسي المغربي، ماذا ينتظر المغاربة؟
إن الشعب المغربي كما سبق وأن أسلفت، والذي أبان عن عمق الوعي، ينتظر حكومة قوية منسجمة، مؤمنة بأن تحقق طموحاته وتطلعاته وأن تنهج سبيل التقدم ومسايرة مطالبه ومواكبتها والتكيف مع انتظاراته، وأن تنبني الحكومة على المدح الوطنية والإرادة القوية،وذلك بهدف تحقيق ما يصبو إليه المواطنون من تقدم وازدهار ورفاهية وحياة كريمة.
ولعل ما يزيد من أهمية النتائج المستخلصة، أن الجميع مؤمن بحجم التحديات التي تواجه المغرب في ظل أزمة داخلية مازالت ترخي بنتائجها على جميع القطاعات، وخاصة الاجتماعية والاقتصادية، بعد اختيارات حكومية افتقدت للنجاعة المطلوبة، واستهدفت بدون رحمة جيب المواطنين، وخاصة الطبقة المتوسطة، وكذلك الآثار الوخيمة لجائحة كورونا الكارثية، والتي لولا التدخلات الحكيمة والمستبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره والله وايده لكان الوضع أكثر قتامة.
وبالتالي هناك اليوم إجماع على ضرورة التخلص من تركة سنوات من الفشل الذريع، والتطلع إلى مستقبل يتجاوز مختلف الإشكاليات، ويضع المغرب على سكة التنمية والنماء.
ومن بين التحديات أيضا التي يجب أن تكون محط إجماع، مسألة الوحدة الترابية وذلك من خلال ما يلي:
- تحصين المكتسبات الأخيرة بعد الاعترافات المتتالية بمغربية الصحراء والانتصارات الديبلوماسية التي يقودها جلالة الملك، والتي توجت بسحب العديد من الدول لاعترافها بالجمهورية الوهمية، وفتح مجموعة من التمثيليات الديبلوماسية بحاضرتي الصحراء العيون والداخلة؛
- مواجهة غطرسة الجارة الشرقية التي لا تتوانى في معاكسة المغرب، ومحاولة النيل من مصالحه بالرغم من الفشل الذريع الذي تحصده في كل محاولاتها اليائسة؛
- دعم جذور المغرب في عمقه الإفريقي في إطار سياسة رابح رابح التي أكد عليها جلالة الملك في الكثير من المناسبات؛
- وضع المغرب في الخارطة الدولية لأقوى الاقتصاديات الصاعدة، وخاصة مع وجود فرص تسمح له بأن يكون بديلا وشريكا أساسيا لأوروبا وأمريكا بعد تجربة كورونا التي أبانت على الحاجة الماسة لأسواق أخرى غير تلك التقليدية.
كما ان الحكومة القادمة يجب عليها أن تعطي للجهات التي خصها الدستور مكانة متميزة، حتى تعمل على تفعيل الأدوار المطلوبة منها، وخاصة على مستوى التنمية الجهوية، وجلب الاستثمارات، والاهتمام بالقطاعات الاجتماعية التي لها صلة مباشرة بالمواطن المغربي.
وأخيرا، فإن الدرس الذي خرجنا به بعد انتخابات 8 شتنبر، هو أن الشعب المغربي شعب عظيم يستحق كل خير.
عضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال-دكتور في الحقوق،محامي بهيئة المحامين بالرباط