إسبانيا تقوم بترحيل الأطفال المغاربة من سبتةالمحتلة إلى كاطالونيا ووجهات أخرى في الوقت الذي يبدو فيه أن التوتر بين الرباطومدريد بدأ يتراجع نسبيا، طفت نهاية الأسبوع الماضي تطورات جديدة قد تعيد الأزمة من جديد بين البلدين الجارين، فقد علمنا من مصادر مطلعة بالثغر السليب سبتة، أن سلطات الاحتلال الإسباني قامت خلال الأيام القليلة الماضية، بترحيل أزيد من 140 طفل مغربي قاصر إلى إقليمكاطالونيا، فيما أبقت على حوالي 200 طفل بمركز إيواء القاصرين بسبتةالمحتلة.
كما علمنا من المصادر ذاتها، أن بعض المؤطرين بالمركز المذكور رفضوا التوقيع على البروتوكول الجديد للقاصرين، الذي تنوي إسبانيا تبنيه.
ووسط كل هذه التطورات، يبقى ملف القاصرين المغاربة مقلقا للغاية، حيث نشرت مؤخرا جريدة «إل باييس» ربورتاجا عن وضعية القاصرين المغاربة بسبتةالمحتلة، الذين يعيشون خارج مراكز الإيواء، ووصفتهم ب»الأشباح» لأنهم يقضون جل اليوم مختبئين لتفادي اعتقالهم من طرف رجال الشرطة والحرس المدني.
وكانت وسائل إعلام محلية بسبتة السليبة، قد أعلنت مؤخرا بأن حكومة مدريد قامت قبل عملية الاقتحام الجماعي الأخيرة بترحيل المئات من الأطفال القاصرين المتواجدين في الثغر المحتل إلى مناطق أخرى من إسبانيا، وترغب في نهج القرار نفسه بشأن المئات الآخرين لتخفيف الضغط على مراكز الإيواء بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
وتواجه حكومة مدريد حاليا تحديا كبيرا في هذا السياق، نظرا لكون غالبية القاصرين المغاربة يتامى أو لا يمتلكون وثائق هوية، وأن جزء منهم يرغب في العودة إلى المغرب، في الوقت الذي تعرف فيه عملية التواصل الديبلوماسي مع السلطات المغربية برودة ديبلوماسية ملحوظة.
كما تطالب العديد من العائلات المغربية باستعادة أبنائها، وتؤكد أنهم لم يكونوا يرغبون في الهجرة، بل تم التغرير بهم فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائط.
ويجري حاليا بمدريد البحث عن السبل الكفيلة بتجاوز هذه الأزمة مع الرباط، وإن كانت المؤشرات غير مشجعة لاسيما في ظل رغبة الأحزاب السياسية الإسبانية في البرلمان الأوروبي في الاستمرار بإدانة المغرب لاستعماله ورقة القاصرين في أزمته الثنائية مع حكومة بيدرو سانشيز، التي لا تميل في الوقت الراهن لحل الأزمة من خلال طلب تدخل الملك فيليبي السادس لدى العاهل المغربي محمد السادس، وذلك بسبب التوجه الجمهوري للحكومة الحالية.
وتمر العلاقات بين المغرب وإسبانيا بأزمة شائكة للغاية منذ أشهر خلت، انفجرت بسبب موقف مدريد المعارض للاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، ثم استقبالها لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج من إصابته بكوفيد-19 دون إخبار المغرب، وما ترتب عنه من قرار مغربي بتخفيض نسبة الحراسة على الحدود الوهمية مع مدينة سبتة السليبة، مما أدى إلى اقتحام حوالي عشرة آلاف مغربي لهذه المدينةالمحتلة حسب مصادر إعلامية محلية بالثغر السليب.
ويرفض المغرب استمرار مجلس الاتحاد الأوروبي في معالجة أزمة الهجرة بالمقاربة الأمنية من خلال تحويله فيها إلى دركي المنطقة.
وكانت وزارة الخارجية المغربية قد حثت في وقت سابق البرلمان الأوروبي على التعاون، مبرزة اقتناعها بأن «تعاون الاتحاد مع دول الضفة الجنوبية يجب أن يقوم على أهداف طويلة الأمد، كمعالجة الأسباب الرئيسية للهجرة غير النظامية من خلال حلول إجرائية كتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير تعليم ذي جودة للأطر.
ويتخوف المتتبعون من أن تصبح الأزمة المغربية-الإسبانية «بؤرة توتر حضاري» بدل أن تشكل «همزة وصل حضاري»، وذلك لأن القرار الأخير للبرلمان الأوروبي يفضي إلى هذا التمايز، خصوصاً بعد رد البرلمانين العربي والإفريقي على القرار البرلماني الأوروبي، من خلال إصدار بيانين منفصلين رفضا فيهما تدخل البرلمان الأوروبي في الأزمة المغربية-الإسبانية.