على امتدادِ أسبوعٍ كامل، استمر تصاعد الجدل بشأن لقاح "أسترازينيكا" البريطاني، وذلك لاشتباه عدة دول أوروبية في تسببه بجلطة الدم والحساسية المفرطة. وقد نجم عن ذلك، تعليقُ استعمال اللقاح مؤقتاً في كلٍّ من الدنمارك والنرويج وإيسلاندا وإيطاليا، وهو ما ترك أصداء مريبة لدى ملايين المغاربة الذين تلقوا هذا اللقاح وذويهم، بيدَ أن منظمات دولية مختصة دخلت على الخط لتبرئه. أكدت كل من منظمة الصحة العالمية، والوكالة الأوروبية للأدوية، والمنظمة الدولية للجلطات الدموية والتخثر، فعاليةَ وأمان لقاح "أسترازينيكا" بعد استخدام نحو عشرين مليون حقنة منه عبر العالم.
وقالت وكالة الأدوية الأوروبية، إنه لا مؤشر على وجود صلة بين اللقاح وجلطة الدم، وإنه يمكن الاستمرار في استخدام اللقاح أثناء إجراء التحقيق. وتتزامن هذه التطورات مع مواجهة مجموعة "أسترازينيكا" البريطانية لصعوبات في الالتزام بموعد تسليم اللقاحات لعدة دول من بينها المغرب، الذي يعود تاريخ تسلمه لآخر دفعة من هذا اللقاح إلى يوم 12 فبراير المنصرم.
وأعلنت المجموعة السبت الأخير، عن تأخير شديد في تسليم لقاحها المضاد لفيروس كورونا إلى دول الاتحاد الأوروبي، مبررة ذلك بقيود التصدير.
وحول النقاش الدائر بشأن اللقاح البريطاني، الذي توصلت بلادنا منه بسبعة ملايين حقنة حتى الآن، انضم البروفيسور عز الدين إبراهيمي، مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب بالرباط، إلى رأي منظمة الصحة العالمية، معتبرا أن ما يروج حول "أسترازينيكا" مجرد تهم، حيث إن السبب وراء هذه "الإشاعات" هو تطوير بعض الملقحين بالدول الإسكندنافية لا يتعدى عددهم أربعين شخصا من بين حوالي خمسة ملايين ملقح لأعراض معينة من بينها الجلطة الدموية.
وأضاف عضو اللجنة العلمية للتلقيح، أنه لا وجود لسببية علمية تربط بين تطور الجلطة الدموية وبين هذا اللقاح، وذلك لتعليل واضح ومعروف، هو أن معدل الجلطات عند الأشخاص غير الملقحين يفوق نظيره عند الملقحين، وأن تعليق الدول لاستخدام لقاح "أسترازينيكا" هو مسألة مؤقتة هدفها توخي الحذر.
وأضاف الخبير ذاته، أن أجهزة المنظومة الصحية بدعم من صاحب الجلالة تعمل جاهدة على توفير دفعات إضافية من اللقاحات وتنويع مصادرها، ومن ذلك الترخيص أخيرا لاستخدام لقاح "أسترازينيكا" الكوري الذي يمكننا التوصل به عبر مبادرة "كوفاكس" لمنظمة الصحة العالمية، كما هو الأمر بالنسبة للقاح "سبوتنيك 5"، وهذا في إطار الانتقال للمرحلة التالية للتلقيح التي تتلخص في تحقيق مناعة جماعية.
وأشار المتحدث، إلى أن المغرب قام بجرد مجموعة من اللقاحات بهدف تحديد مدى إمكانية حصوله عليها، في إطار ما سماه "المقاربة الاستباقية"، التي تبنتها المملكة منذ البداية.
وأعرب إبراهيمي، في هذا الصدد، عن صعوبة وصول المغرب للقاح "جونسون آند جونسون"، والذي تحتكره الولاياتالمتحدة وجنوب أفريقيا، وأضاف أنه قد تم الترخيص بشكل استثنائي للقاح "سبوتنيك 5" الروسي في المغرب نظرا لوجود مبادرة حقيقية شجعت وزير الصحة على الاتصال بالسلطات الروسية التي وعدت بإرسال حقنات من اللقاح قريبا.
وشدّد المصدر نفسه، على ضرورة الشروع فيما وصفه ب"الاستقلال العلمي للمغرب"، ومضمونه توفرُ بلادنا على منصات تقنية تمكنها من تطوير اللقاحات بعد أزمة كورونا، معبرا عن تفاؤله الحذر بالمرحلة القادمة واصفا مستوى المغرب الحالي في حملة التلقيح بالممتاز.