يتساءل بعض المواطنين عن الإرشادات الطبية والعلمية حول الإجراءات الحاجزية بعد الاستفادة من التلقيح، داخل المجتمع بشكل عام أو بين الأشخاص الدين استفادوا من اللقاح. الالتزام بالإجراءات الحاجزية من كمامات وتباعد وتطهير اليدين وتجنب الازدحام وتهوية الأماكن المغلقة، ضرورة طبية يجب مواصلة الالتزام بها من طرف الجميع: الملقحين والذين لم يتلقوا بعد، الى حين تأمين مناعة جماعية.
بعد أسبوعين أو ثلاث من أخذ الجرعة الثانية يحصل جل الملقحين على مناعة ضد كوفيد 19. هذا غير كاف لأن يتخلى الملقحون عن الإجراءات الحاجزية، سواء اثناء لقاءهم بأناس غير ملقحين أو ملقحين مثلهم.
نعرف اليوم من خلال نتائج الدراسات السريرية أن اللقاحات تعطي نسب فعالية عالية جدا ضد المرض لكنها لا تصل الى 100%.
لكن ما لا نعرفه لحد اليوم هو هل من الممكن أن ينقل الملقحين الفيروس للمحيطين بهم أم لا. أغلب الدراسات السريرية لم تبحث هذا الأمر بعد. باحثو جامعة أوكسفورد و استرازينيكا أجروا جزء من هذه التجارب خلال دراسات المرحلة الثالثة ولكن النتائج لا زالت أولية.
لذلك وجب الالتزام بالإجراءات الحاجزية لتجنب نقل الفيروس أو الإصابة بكوفيد لمن تستجيب مناعتهم للقاح.
نفس الارشادات تسري حتى ادا تعلق الامر بلقاء بين أفراد كلهم ملقحين. فمن الخطأ الاعتقاد أن الشخص الملقح حتى وإن نقل الفيروس لشخص ملقح أخر، فالأخير في نهاية المطاف له حماية ضد الاحتمالات الخطرة، أو لا يشكل خطرا وبائيا.
نعم، أغلب اللقاحات المتوفرة لحد اليوم توفر حماية قد تصل الى ما يناهز ال 100% ضد الحالات الخطرة من كوفيد 19 ، ومن ثم الوفيات، أي أن حتى الدين تلقحوا ولم تطور أجسامهم مناعة كافية لحمايتهم من الإصابة بكوفيد، فهم رغم إصابتهم المفترضة بالفيروس فلن يصابوا بالأشكال الخطيرة من المرض. لكن استمرار الوقاية ضروري:
أولا: هذه النسبة ليست موحدة بالنسبة لجميع اللقاحات. في دراسات لقاح مودرنا مثلا أصيب 30 متطوع بكوفيد 19 بحالات خطيرة، كلهم من المتطوعين الدين تلقوا اللقاح الوهمي وليس الحقيقي.
في دراسات لقاح أسترازينيكا سجلت 10 حالات خطرة كلها بين المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي.
لكن بالنسبة للقاح فايزر سجلت 10 حالات خطرة 9 منها بين المتطوعين الذين تلقوا اللقاح الوهمي وحالة واحدة لدى متطوع تلقى اللقاح الحقيقي.
ثانيا: عدد الحالات الخطيرة المسجلة بين المتطوعين لا زالت قليلة وأولية، ولازالت الدراسات تتابع الموضوع، ولذلك فهذه النسب هي مطمئنة ومهمة ولكنها ليست نهائية بعد. في جميع الأحوال ستكون النسب النهائية جد عالية، وهذا شيء مهم جدا، ولكن ليس بالضرورة 100% لكل اللقاحات.
ثالثا: من الناحية الوبائية، رهان حربنا ضد الوباء هي تكسير سلاسل تفشي الفيروس وتوقيفه وعدم إعطائه أي فرصة للانتقال بين الناس، وكل شخص حامل للفيروس هو مشكلة وتحد وبائيين مهما اتخذ من احتياطات.
رابعا: هناك دائما احتمال ظهور سلالة جديدة أكثر شراسة أو لا تنفع معها اللقاحات المستعملة بنفس درجة الفعالية، وبالتالي لا تنفع معها لا المناعة التي حصل عليها من تعرضوا للمرض سابقا ولا الدين حصلوا على المناعة ضد المرض بفضل اللقاح. هدا السيناريو للأسف ليس احتمالا نظريا فقط، بل نسارع الزمن لكيلا يتحقق.
لذلك يجب مواصلة الالتزام بالإجراءات الحاجزية قبل التلقيح وخلاله وبعد الاستفادة منه، إلى أن نكون كمجتمع قد وصلنا لمناعة جماعية، التي تعتبر الوسيلة الوحيدة التي ستحمينا جميعا وجماعيا.