أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، الذي تنتهي ولايته بعد شهرين، ترشحه لولاية ثانية على رأس المفوضية. ونشر موسى فقي محمد نهاية الأسبوع رؤيته لولاية جديدة (2021-2024) كشف فيها عن أولوياته وحصيلة ولايته الأولى. موسى فقي عبر بالبرنامج الذي يقدمه لإسناد ترشيحه لمنصب رئيس الجهاز التنفيذي للاتحاد عن أسفه لما وصفه بفتور سلاسل التضامن، وضعف القيم الإنسانية المتمثلة في الكرم، واحترام الآخر، وطغيان الاعتبارات المادية والتجارية، التي فاقمت الصعوبات الموضوعية التي تواجهها القارة الإفريقية، كما هو الحال بباقي بلدان العالم. فقي أشار إلى أن إفريقيا قارة شابة وتتميز بمعدل نمو سكاني هائل، كما أن فئة الشباب تمثل 60 في المائة من مجموع ساكنتها، وبالتالي فإن أي مبادرة لصالح إفريقيا ينبغي أن ترتكز على هذا المعطى الأساسي، وشدد على أنه «من الواضح أن السياق الإفريقي قد شهد خلال ولايته العديد من التغييرات الإيجابية، سواء من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكل بلد على حدة، أو على المستوى الشمولي». ترشيح موسى فقي لولاية جديدة على رأس مفوضية الاتحاد الافريقي يأتي في ظرف يبذل فيه تحالف الجزائر وجنوب افريقيا أقصى جهودهما الدبلوماسية لاستدامة سيطرته على مؤسسات ولجان الاتحاد القاري الحساسة و المؤثرة للحيلولة دون تمكين المغرب و الدول الداعمة له من تحقيق مطلب إخراج الجمهورية الوهمية من الباب الضيق للبيت المؤسساتي للقارة السمراء بعد أن ولجته قبل 38 سنة من النافذة بعد مناورة احتيالية على طريقة العصابات نفذها اللوبي الانفصالي بقيادة الجزائر. الجزائر ستفقد بالقمة الافريقية المرتقبة بداية فبراير المقبل مقعدها على رأس مفوضية السلم والأمن الافريقي الذي يشغله سفيرها إسماعيل أشرقي ويوظفه بشكل غرائبي من أجل تمرير القرارات التي تدعم المشروع الانفصالي بصحراء لحمادة. الدبلوماسية الجزائرية بقيادة صبري بوقادوم تتحرك منذ أسابيع بشكل مكثف على طول وعرض القارة لحشد الدعم لخليفة اشرقي على رأس أهم مفوضيات الاتحاد الافريقي في شخص مرشح نيجيريا، بينما تضغط بريتوريا بمنطقة نفوذها بالجنوب القاري للحيلولة دون توفر النصاب العددي الكافي للدول الأعضاء بالاتحاد، القادر على طرد البوليساريو من مؤسسات الاتحاد. وكالة الأنباء الجزائرية سارعت لمغازلة أحمد فقي وتقديم ترشيحه، و انفردت مدفوعة بمنطق التدليس الذي تتقنه في التعامل مع قضايا النزاع المفتعل بالصحراء المغربية بالزعم بأن المرشح يضع الملف ضمن أولوياته والادعاء بأن فقي ربط ذلك بتعزيز الوساطة الأفريقية وترسيخ مبدأ حل الأفارقة لمشاكلهم بأنفسهم. و بغض النظر عن أن الرؤية التي عممها السيد فقي كبرنامج لترشيحه مجددا لقيادة المنصب الثاني بهرمية الاتحاد لا تتضمن حرفيا ما تركز عليه قصاصة وكالة الانباء الجزائرية من تصور منسوب لأحمد فقي من النزاع المفتعل بالصحراء ومنهجية تعامل الاتحاد الافريقي معه، فإن هذا لا يخفي مسعى وحرص محور الجزائر / بريتوريا على محاولة اقحام القمة الافريقية المرتقبة مجددا في النزاع المفتعل رغم أن مؤسسات الاتحاد الافريقي مسيجة وملزمة بقرار لقمة نواكشوط الاستثنائية الأخيرة كان قد كرس الاختصاص الحصري للأمم المتحدة بحل النزاع المفتعل في الصحراء و هو ما لا يخدم أجندة الجزائر التي تخشى أن يمثل الالتزام بالقرار مدخلا للتشكيك في شرعية التواجد اللا قانوني للبوليساريو ككيان مصطنع باجتماعات الاتحاد. القمة الافريقية المرتقبة ستكون حافلة بالمفاجآت وبالسجال القانوني والسياسي الذي سيكشف مستوى نضج القادة الأفارقة ودرجة احتكامهم لمقتضيات القانون الدولي ومنطق العصر في التعامل مع القضايا الكبرى التي تهم مستقبل ومصير القارة ومؤسساتها التمثيلية بدءا من مطلب الإصلاح العميق الذي تتطلبه مؤسسات ولجان الاتحاد الافريقي ضمانا لفعاليتها ومصداقية قراراتها وهو ما يندرج ضمن مسودة وعود الإصلاح المؤسساتي التي يقدمها السيد فقي نفسه لتبرير كفاءته لولاية جديدة على رأس ثاني منصب بالاتحاد.