حوالي 18 ألف مهاجر سري وصلوا شواطئ جزر الكناري خلال هذه السنة حسب الحكومة الإقليمية، وهو رقم يمثل أكثر من عشرة أضعاف العدد خلال الفترة نفسها من سنة 2019، كما يؤكد أن شبكات الهجرة السرية قد نقلت سجلها التجاري بالبشر، من شمال المغرب إلى جنوبه وأضحت وجهتها المفضلة هي جزر الكناري عوض جنوب شبه الجزيرة الايبيرية. وقد أثارت هذه الأفواج التي تتزايد بشكل يومي حفيظة المجتمع الإسباني الذي خرج عن صمته وأضحى يطالب بتدخل الجيش الاسباني لحماية الحدود البحرية، و منع المهاجرين من دخول يابسة جزر الخالدات، حسب ما أكدته نتائج استطلاع للرأي قام به موقع إلكتروني إسباني، كما أن أحد البرلمانيين الإسبان المنتمين إلى الحزب اليميني "فوكس"، قد طالب الأسبوع الماضي بفرض عقوبات على الدول المصدرة للمهاجرين السريين، من بينها المغرب، ومنع التأشيرة عنها.
وحسب وسائل إعلام إسبانية فقد تسببت هذه الظاهرة في جدال حاد بين حكومة مدريد والمعارضة التي طالبت عبر نوابها وقياديها بعدم التساهل مع الوافدين غير النظاميين نحو التراب الإسباني، و إعادتهم نحو دولهم الأصلية، وهو ما عجل بزيارة وزير الداخلية الاسباني فرناندو غراندي-مارلاسكا إلى المغرب أخيرا، حيث أخبر نظيره المغربي باستئناف عمليات ترحيل المهاجرين غير القانونيين نحو بلدانهم الأصلية بعدما توقفت منذ أشهر بسبب أزمة وباء كوفيد-19.
وقال غرادندي-مارلاسكا في تصريح مقتضب إثر مباحثات مع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في الرباط، إن سياسة مدريد تتثمل في "إبعاد" المهاجرين "الموجودين في وضعية غير نظامية وغير المؤهلين للاستفادة من الحماية الدولية"، وهو الأمر الذي يتطلب التعجيل به و البحث عن سبل تنفيذه و التعاون من أجل إنجاحه.
من جهتها استقبلت الحكومة المغربية قلق نظيرتها الإسبانية، بتدابير وإجراءت تجلت في تكثيف الحملات التمشيطية على طول السواحل المؤدية إلى جزر الكناري، وأثمرت هذه المبادرة في التضييق على شبكات الهجرة السرية وإحباط عدد من العمليات، كانت آخرها بمدينة الداخلة حيث تم توقيف حوالي 38 مهاجرا سريا كانوا يتأهبون لركوب أمواج الأطلسي متجهين نحو جزر الكناري.
وقال بلاغ للإدارة العامة للأمن الوطني "إن عناصر فرقة الشرطة القضائية بالمنطقة الإقليمية للأمن بمدينة الداخلة، قد تمكنوا مساء السبت، من إجهاض عملية للهجرة السرية وتوقيف شخص يبلغ من العمر 25 سنة، يشتبه في ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم عمليات الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر.
وأوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أنه تم توقيف المشتبه فيه بمنطقة الصيد الساحلي "لاساركا" التي تقع جنوب مدينة الداخلة، وهو في حالة تلبس بمحاولة تهجير ثمانية وثلاثين مرشحا للهجرة غير المشروعة، من بينهم سيدة وثلاثة قاصرين، كان قد تعاقد معهم على تهجيرهم سرا نحو الشواطئ الاسبانية مقابل مبالغ مالية تناهز عشرين ألف درهم للمرشح الواحد.
وأضاف المصدر ذاته أن عملية التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية أسفرت عن حجز معدات لوجيستيكية يشتبه في استخدامها في تسهيل ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وهي عبارة عن زورقين تقليديين مزودين بمحركات ومجموعة من البراميل التي تحتوي على 560 لترا من البنزين وبوصلة وسيارة رباعية الدفع.
وخلص البلاغ إلى أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيه الرئيسي تحت تدبير الحراسة النظرية، فيما تم إخضاع المرشحين للهجرة غير المشروعة للأبحاث القضائية التي تشرف عليها النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا تحديد كافة الامتدادات والارتباطات الدولية لهذه الشبكة الإجرامية.