لوبيات تتحكم في المجال بسبب عجز الحكومة والمواطن يدفع الثمن غاليا، وضرورة إحداث وكالة وطنية لتدبير الدواء منبثقة عن المؤسسة التشريعية أبانت الحكومة عن فشلها الكبير في حسم ملف ارتفاع أسعار الدواء بالمغرب، بدليل وجود أدوية تباع في المغرب بسعر أعلى مرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بفرنسا، أو في دول الجوار، مما يثقل كاهل المواطن المغربي، الذي بقدرته الشرائية المحدودة، يواجه أسعار باهظة بالصيدليات، وقد تكون الفاتورة جد مرتفعة بالنسبة إلى أولئك الذين لا يتوفرون على تغطية صحية، الذين يصلون حوالي 38 في المائة من السكان. وبالنسبة للآخرين، فإن الثقل يقع على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (cnss) وشركات التأمين الخاصة وكذا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (الكنوبس)، من خلال أداء تعويضات فلكية مقابل أدوية أرخص بكثير (مرتان إلى ثلاث مرات) في الخارج. ويبقى غلاء الأدوية ليس بالأمر الجديد، على اعتبار أن بنية الأسعار في هذا القطاع معقدة، بل وعشوائية، بسبب السياسة العمومية للأدوية التي تتسم بالخلل، وفيها الكثير من المتدخلين من قبيل الوزارة الوصية، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والصناع/ المستوردين، والباعة بالجملة والموزعين، والصيدليات، فهوامش الربح المتراكمة على هذه السلسلة من الفاعلين، تفضي إلى سعر غير معقول في ثمن ما يصل إلى المستهلك من أدوية. والتساؤل المطروح بحدة هو ما الذي يمنع هذه الأسعار من الانخفاض؟ من له المصلحة في استمرار وضع ينتج عنه عدة خاسرين بما فيهم الدولة، منظمات التغطية الصحية، وعموم المغاربة. فالبعض عزا غلاء أسعار الأدوية بالمغرب إلى هيمنة الأدوية الأصيلة على الجنيسة، وهوامش ربح مبالغ فيها، وشبكة توزيع غير فعالة، وكذا إلى السياسة المتبعة في منح تراخيص التسويق التي لا تخضع لمنطق، طلبات العروض يعوزها المنطق. والبعض الآخر أرجعها إلى سلسلة من الاختلالات التي تفضي في النهاية إلى دواء غالي الثمن وليس في متناول المستهلك. كما وجهت انتقادات كثيرة من طرف العديد من الخبراء للطريقة المتبعة من طرف الحكومة في تحديد أسعار الدواء المتمثلة في الاعتماد على سياسة خاطئة، دون أخذ بعين الاعتبار مصلحة المريض المغربي الذي يعاني في صمت. وأكد خبراء في المجال أن من أسباب ارتفاع أسعار الأدوية كذلك، المكانة الهامشية جدا التي مازال يعاني منها الدواء الجنيس، وهنا أيضا كان مجلس المنافسة واضحا، فدراسته تؤكد أن غياب سياسة عمومية حقيقية للدواء الجنيس تعمق هذا التهميش. وطالب هؤلاء بضرورة إعادة النظر في نظام المقارنات الحالي واعتماد قائمة من البلدان الشبيهة بالمغرب من حيث مستوى العيش وتشجيع الدواء الجنيس مع فرض حق تعويض الدواء الأصلي بالدواء الجنيس و محاربة تضارب المصالح بين مختبرات الأدوية والأطباء، كما شددوا على إلغاء الضريبة على القيمة المضافة (7%) المفروضة على بعض الأدوية وإلغاء هامش الربح الإضافي (10%) الذي تخصصه الوزارة للأدوية المستوردة. بينما ذهب آخرون إلى المطالبة باعتماد سياسة دوائية واضحة المعالم بالمغرب منبثقة من المؤسسة التشريعية وبمشاركة جميع الفاعلين في القطاع من صيادلة ومصنعين، حتى تكون فيها الضمانات الضرورية من طرف الحكومة والدولة ككل، وإحداث وكالة وطنية لتدبير الدواء بالمغرب، وكذا تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، والقطع مع سياسة المحاباة التي ساهمت في تدهور قطاع الدواء بالمغرب.