لقد جرى إعداد مسرحية »هملت«، وهي أروع ما أبدعه شكسبير، في التداريب المسرحية التي نظمتها إدارة الشبيبة والرياضة أواسط الخمسينيات. وقد أدى فيها عفيفي، إلى جانب عدد من الممثلين المتميزين والمتدربين الموهوبين، دور هملت، بطل القصة. وعرضت مسرحية هملت أول مرة أمام الجمهور يوم الخميس 15 مارس 1956 بمركز المعمورة بضواحي الرباط في الهواء الطلق وبين الأشجار. وكان حفلا عظيما بهيجا يليق بجلال وروعة المسرحية، حضره جمهور يقدر بنحو ثلاثة آلاف شخص، حملته إلى المركز حافلات من الرباط مجانا، وتم من أجله تركيب مدرجات على قضبان حديدية. وقد حضر الحفل ولي العهد حينذاك جلالة المرحوم الحسن الثاني. وهكذا وقف عفيفي أمام هذا الجمهور الغفير يصدح بصوته الرفيع معبرا عما يجيش في صدر هملت وهو يقول: »اي إلهي. أي إلهي. ما أثقل جميع مصطلحات هذا العالم، وما أسفلها، وما أقدمها، وما أقلها جدوى، قبحا لهذه الدنيا وتبا لها«. »ياجيوش السماء، يا أيتها الأرض، وماذا أنادي بعد؟ أأناديك ياجهنم؟ رويدك ياقلبي، رويدك. وأنت أيتهاالأعصاب لاتشيخي بغتة. بل اسعديني بكل ما فيك من القوى«. وما أن انتهى العرض، حتى ارتفعت أصوات الجمهور بالهتاف قائلين: »يحيا هملت« »يحيا هملت«... فلم يكن الناس يعرفون في بداية الاستقلال طريقة في الهتاف غير هذا الهتاف الوطني(*). وما أحوجنا اليوم إلى أمثال هذه المسرحية التي تطهر النفوس وتسمو بها، مسرحيات شكسبير وموليير وتوفيق الحكيم... * انظر كتابي: من تاريخ المسرح في الشبيبة والرياضة، ص 45-41 ، الرباط، دار أبي رقراق، 2006.