ينبغي على دول العالم الثالث بما فيها الدول العربية الإسلامية، الإتفاق على استراتيجية للتعاون فيما بينها، ويلزم لمثل هذه الإستراتيجية أن تكون لبنة للتوسع في برامج للتعاون أكثر تحديدا في ما تنشده، وذلك على الصعيد الإقليمي والقطري بغية تحقيق التنمية. يظل المجال السياسي، هو ميدان المبادرات الكبرى بين هذه الدول، لأن كثيرا من مشاريع التعاون الإقتصادي نشأت بتجمعات سياسية، ولتحقيق مثل هذه الأهداف، يترتب على هذه الإستراتيجية أن ترسم الخطوات الأساسية التي يراد إتخاذها في تنفيذ برامج المدى القصير والمتوسط وفي الوصول للأهداف بعيدةالمدى، وذلك من خلال وضع أسس ولبنات التعاون واضحة المعالم. الأسس من أهم اللبنات للسير بتعاون الدول النامية في ما بينها إثنان هما على الشكل الآتي * خلق الوعي في هذه الدول: إن القبول بالتعاون بين هذه الدول كهدف استراتيجي ينبغي أن يروج له بشكل فعال، بين الزعماء السياسيين والنخب الادارية والباحثين ورجال الأعمال، كما ينبغي الترويج له ليصل إلى مستويات وفئات المجتمع برمته. * الاهتمام بالموارد البشرية: إن المعرفة والمهارة من العناصر الحاسمة في التنمية الإقتصادية والإدارية، لذا لابد من سن نظام التعاون بين الدول النامية لتطوير المعارف والمهارات للموارد البشرية لذا يجدر وضع مناهج لتوسيع الروابط التعليمية وللتهيء لتدفق أكبر من التلاميذ في داخل الجنوب ولو إقليميا في البداية كدول المغرب العربي مثلا. ويضم هذا التصور مايلي: * التعليم في فروع العلوم الأساسية والهندسة والطب والصحة العامة، * التدريب الفني والحرفي، بما في ذلك التدريب الصناعي. * برامج للتعليم عن بعد، لاسيما على الصعيدين الإقليمي وشبه الإقليمي ميادن العمل إن الأركان التي يقوم عليها تعاون الدول النامية كثيرة ومتنوعة، إلا أن ميادين العمل التي تستحق الأسبقية والإهتمام المتواصل نذكر: المالية، التجارة، الصناعة والأعمال، الخدمات، النقل والبنى الإرتكازية، الأمن الغذائي، العلم والتقنية، البيئة، ووسائل الإتصالات، الإتصالات بين الأمم. إحياء التعاون الإقتصادي ومشاريع التكامل على المستوى الإقليمي وشبه الإقليمي إن التعاون الإقتصادي بين الدول النامية كان ولا يزال يجري داخل الأقاليم وشبه الأقاليم بالدرجة الأولى، غير أن أغلب الفعاليات التي أجريت داخل هذه التجمعات قد تأثرت تأثرا سلبيا وسيئا بأزمة التنمية في عقدالثمانيات من القرن العشرين. إن التعاون الإقتصادي الإقليمي، سيظل ركنا أساسيا من أركان التعاون بين دول الجنوب. إن العائق الأساسي أمام المنظمات الإقليمية، هو عدم كفاية الدعم من لدن الأعضاء الأقطار فيها، التي لا تولي اهتماما كبيرا لتعاون دول الجنوب فيما بينها، ومن اللازم تغيير هذه المواقف إذا أريد لمشاريع التعاون ان تكسب القوة اللازمة لها . وبالرغم من الترتيبات التجارية التفضيلية التي تجري الان بموجب المشاريع الإقليمية وشبه الإقليمية الآتية: رابطة التكامل لأمريكا اللاتينية مجموعة الأنديز، رابطة الأمملجنوب شرق آسيا، اتفاقية بانكوك، السوق المشتركة لأمريكا الوسطى، جماعة بحر الكاريبي، الجماعة الإقتصادية لغربي إفريقيا، مجلس الوحدة الإقتصادية التابع للجامعة العربية، مجلس التعاون الخليجي، منطقة التجارة التفضيلية، الإتحاد الجمركي والإقتصادي لإفريقيا الوسطى، مؤتمر تنسيق التعاون لجنوب إفريقيا، الجماعة الإقتصادية لدول غربي إفريقيا، اتحاد دول المغرب العربي، فإنها لم تحقق التعاون الحقيقي ولو في مداه المتوسط بسبب عوامل عدة نذكر أهمها : * غياب المبادرة الحقيقية لزيادة الدعم للمشاريع القائمة، ولتبني سياسات اقتصادية قطرية من النوع الذي يجعل هذه المشاريع أكثر فعالية. * غياب السعي إلى تصحيح الخلل الهيكلي الذي يعرقل عمل المشاريع (12) وكمحاولة لازالة مثل هذه العوائق في مسيرة التعاون بين دول الجنوب لتحقيق التنمية المستديمة، يلزم ما يلي: 1 التنسيق في عمليات التخطيط والتقييم. 2 تشجيع التعاون بين التجمعات المختلفة. 3 استخدام المنتديات الاقليمية لتسوية النزاعات المحلية. 4 تأسيس سكرتارية لدول العالم الثالث تعمل على تقديم الدعم الفني والفكري والتنظيمي للمبادرات والأعمال المشتركة التي تقوم بها هذه الدول وأن تكون مكانا للتواصل المتبادل بين ممثلي الأقطار النامية من ناحية ومركزا للمراقبة من ناحية ثانية. 5 أن تقوم السكرتارية ، المشار إليها أعلاه، بالإفصاح عن موقف دول الجنوب، وأن تتحرى مواطن التأييد له في الشمال. مما سبق يمكن استتاج، غياب تضامن بين دول العالم الثالث من أجل تأسيس مجموعة موحدة تضاهي الدول القوية قصد تحقيق التنمية. لذا ينبغي اتخاذ إجراءات عدة لتطوير هذا التضامن: كاعتماد سياسات الدعم الوطنية لنجاح التعاون جنوب جنوب، فعلى كل دولة أن تظهر في خططها للتنمية وفي سياساتها العامة، التزاما صريحا بالتعاون جنوب جنوب. كما يترتب على كل دولة أن تعهد لوزارة حكومية واحدة، مسؤولية تنسيق العمل داخل البلاد والذي يجري بموجب التزام التعاون بين الدول النامية. إضافة لذلك، فعلى كل دولة أن تؤلف لجنة وطنية لتقديم المشورة للحكومة، ولتعبئة الرأي العام لتأييد فكرة مبدأ التعاون، ولتشجيع الإتصالات بين مختلف دول العالم الثالث. إن تفعيل هذه الإجراءات، وغيرها كثير، لمن شأنه أن يبدد العوامل الخارجية المفتعلة من لدن الدول القوية ودول العالم الثالث نفسها، كأزمة الصحراء بمنطقة المغرب العربي، أزمة دارفور بالسودان، الصومال، تشاد، مالي... إلخ. وبالتالي توجيه الخطط على المستويين الإقليمي والدولي لتحقيق التنمية المستدامة. خاتمة عامة:إن التحديات الراهنة التي تواجه دول الجنوب (اقتصادية اجتماعية، سياسية، ثقافية،، إشكالية الهوية) تلزم تكثيف مبدأ التعاون جنوب جنوب بأسلوب صادق وفعال للمضي قدما إلى مستقبل زاهر/ وما اللجنة العربية العربية التي تم وضعها في قمة دمشق العربية أواخر مارس 2008 لتبديد الخلافات العربية إلا آلية حقيقية لتأسيس تعاون حقيقي بينها.