تمكنت بلادنا، بفضل المبادرات المتخذة في العمل الحكومي، من مواجهة التأثيرات السلبية لظرفية دولية صعبة، مطبوعة بتقلبات الاقتصاد العالمي، بسبب الارتفاع المهول لأسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية. وقد أكد جلالة الملك في خطاب عيد العرش الأخير أن «بلدنا استطاع، مواجهة هذه الإكراهات، بفضل نجاعة الأوراش والإصلاحات التنموية التي تقودها والتي بدأت تعطي ثمارها وهو ما مكن نسيجنا الاقتصادي والاجتماعي، من التصدي لصعوبات المحيط الجهوي والدولي وقد تجلى ذلك، في مواصلة المغرب لتقدمه بخطى ثابتة لتوطيد البناء الديمقراطي وإنجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال الحفاظ على توازناته الماكرو اقتصادية والمالية وخلق أقطاب جهوية للتنمية وتقوية قدراته على خلق فرص الشغل وتحسن المؤشرات الاجتماعية». وجاءت الشهادة الثانية على تمكن الاقتصاد المغربي من الصمود في وجه الظرفية الصعبة التي أفرزها ارتفاع أسعار النفط والمواد الأساسية، على لسان المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس الذي أكد أن التحكم في التأثيرات التضخمية في المغرب يجري في ظروف جيدة وان ارتفاع الأسعار متحكم فيه، مضيفاً أن صندوق النقد الدولي سعيد جداً باستنتاجه ان السياسات المتبعة في المغرب، سواء في مجال الإصلاحات أو في مجال المواكبة، سياسات تعطي ثمارها وان المغرب سيسجل لا محالة، خلال هذه السنة نمواً قوياً وسيحقق كذلك خلال السنة المقبلة نمواً مدعماً نسبياً وهو ما يعتبره دليلاً ليس فقط على تطور الاقتصاد الوطني ولكن المجتمع المغربي أيضا. وكان تقرير بعثة صندوق النقد الدولي التي قامت بتشخيص الوضعية الاقتصادية في المغرب في السنة الجارية، تضمن تقييماً إيجابياً لهذه الوضعية بتأكيده أن المغرب يواصل حصد ثمار الإصلاحات التي باشرها، لاسيما في مجال تفعيل السياسات الاقتصادية والمالية السليمة. وتم خلال السنوات الأخيرة تحقيق تطورات مهمة في مجال استقرار المناخ الماكرواقتصادي وصمود الاقتصاد في وجه الصدمات والأزمات، وان هذه المكتسبات تضع السلطات العمومية في وضع إيجابي يسمح لها بتجاوز الأزمات المرتبطة بتراجع الاقتصاد العالمي على المدى القصير وتبني إجابات ملائمة للسياسة الاقتصادية، لمواجهة الارتفاع المستمر للمواد الأولية. وتؤكد هذه الشهادات ان العمل الحكومي في مساره السليم والصحيح، من حيث إعطاء دفعة قوية للتنمية، حيث يتوقع ان يصل نمو الاقتصاد الوطني في هذه السنة إلى 6,8 في المائة وألا يتجاوز التضخم 3 في المائة وان يظل العجز المالي محصورا في أقل من 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام. فضلا عن اتخاذ الحكومة عدداً من التدابير الجبائية والاقتصادية والاجتماعية، لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الأساسية والنفطية واتجاهها إلى إصلاح نظام المقاصة، لتوجيه الدعم فقط إلى الفئات المعوزة التي أحدث من أجلها. كما عملت الحكومة على تحسين دخل الموظفين وأجراء القطاع الخاص ، في إطار الحوار الاجتماعي واتخاذ مبادرات أخرى لترسيخ الحكامة الجيدة وترشيد النفقات ومحاربة التبذير وتخفيض نمط عيش الإدارة وإعطاء دفعة قوية للملف الاجتماعي، خصوصا بتفعيل نظام المساعدة الطبية للفئات المعوزة. وتركز السياسة العمومية على إنجاز الأوراش التنموية الكبرى وتحريك الاستثمارات وخلق المزيد من فرص الشغل وظهرت مؤشرات إيجابية في هذا الشأن بتراجع معدل البطالة في النصف الثاني من هذه السنة وخلق الكثير من مناصب الشغل في القطاع غير الفلاحي. ومن شأن هذا المد الإصلاحي الذي تشهده بلادنا، بتوجيهات جلالة الملك أن يرسخ الثقة ويحفز على المزيد من العمل لتمكين بلادنا من مواجهة، التحديات التي تعترضها. وقد أكد جلالة الملك في هذا الشأن «ان أساس نجاح أي إصلاح، يكمن في ترسيخ الثقة والمصداقية والتحلي بالأمل والعمل والاجتهاد وعدم الانسياق لنزوعات التيئيس والتشكيك والعدمية، خاصة في الظروف الصعبة».