على الرغم من تاريخ فن الكاريكاتير الحافل بالعطاء الفني واعتباره من الأركان الأساسية في الصحافة في أنحاء العالم مثله مثل المقال السياسي المباشر، فما أقل الكتب التي تضع لفن الكاريكاتير نظرياته وتحدد عناصره ومقاييسه ومستوياته ووظائفه وأهدافه ، وتقضي على مبعث الضحك فيه خاصة في عصرنا الحديث الذي تتشابك خيوطه وتتعقد وذلك بالقياس إلى ما في مكتبات الآداب والفنون الأخرى من كتب لا تحصى ومع هذا فإن النقص النظري الفادح والصارخ في التأليف الخاص بفن الكاريكاتير وانعدام الأبحاث والدراسات المتخصصة في هذا الفن، إلا أنه لم يؤثر على ملكات الإبداع التي تتدفق بالحدس العظيم في كل مكان وعبر كل الأزمنة بما فيها عصور التفكك والتردي ولحظات الضيق والكرب . كما أن الكاريكاتير منبه فعال للعيوب النفسية والسياسية والاجتماعية المختلفة أو للطباع المعوجة التي تعرض الشعوب للتصدع حين ينشغل الإنسان بذاته عن الكل وحين يتعارض الظاهر مع الباطن أو القول مع الفعل. إن فن الكاريكاتير قوة نقدية ضاربة إن صح التعبير التي تقف إلى جانب الحرية والتقدم وتهاجم وتقوض كل ما هو فاسد أو ظالم .. ومهما تنوعت أساليب فن الكاريكاتير وتعددت خيوطه ورؤاه فإنه يكاد يكون كلغة تعبيرية مكتفيا بذاته لا يحتاج في فهمه وتداوله إلى مترجم. إن هذا الفن الإنساني الضاحك المقاوم يضرب بحق في جميع الجبهات مما جعله ضرورة ملحة في عالم الصحافة اليوم.