لقيت الحكاية الشعبية المغربية «للا ميمونة», التي قامت بأدوارها فرقة مسرحية من مدينة سلا, إقبالا كبيرا من الجمهور في إطار الدورة الثانية لمهرجان «مسارح جوالة» ببروكسيل (ما بين21 و24 غشت الجاري). وعرضت هذه المسرحية الفرقة, المعروفة أيضا باسم «المسرح الجوال» لسلا, عدة مرات خلال الأيام الأربعة لهذه التظاهرة التي تنظمها مؤسسة «المختفون الجدد» للمسرح الملتزم ببروكسيل. وقد أشادت جموع المتفرجين بالفرقة أثناء كل عرض قدمته في المنتزه الملكي (بارك روايال) للعاصمة البلجيكية منبهرة بالحكاية المتنقلة التي أبدعها الفنان محمد الحسوني انطلاقا من بحث تجريبي. ويهدف محمد الحسوني, الممثل ومدير الفرقة, من خلال هذه الحكاية المستلهمة من تاريخ المواكب الروحية المغربية المنظمة في كل موسم ديني, إلى إبراز طابع التنوع الذي يميز التراث الثقافي الشفوي المغربي. وقد عبر العديد من المتفرجين عن إعجابهم بمهارة الممثلين في أداء كل من لعبة الدمى المتحركة العملاقة السوداء ذات الألوان المزركشة والاستعراض المصحوب بموسيقى متميزة مما أسهم في خلق عالم خاص في إطار رحلة تجمع بين اللهو والروحانية. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أوضح محمد الحسوني أن الفرقة تضم في معظمها ممثلين من خريجي مدرسة السيرك بسلا إلى جانب فنانين من الشباب الصم البكم انتقوا للعمل في الفرقة لحساسيتهم الفنية الخارقة التي تميزهم. وبذلك, تعكس الفرقة نموذجا مثاليا لإعادة الإدماج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة. وقد أنجز الحسوني, خريج مدرسة للفن الدرامي بباريس منذ عودته إلى مدينته عام 1996 بعد تجربة لأزيد من20 سنة بفرنسا وألمانيا, عدة مشاريع في مجال المسرح التجريبي. وأشار باعتزاز إلى أن مشروعه يستفيد من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بقيمة200 ألف درهم, من أجل تشييد إقامات للفنانين المتجولين غايتها خلق «نشاط فني مدر للمداخيل» بالنسبة للأحياء المجاورة لمنطقة الرباط. وأوضح مدير الفرقة أن نواة هذه الأخيرة, التي يدعمها أيضا معهد غوته الألماني بالرباط, تتكون من أحد عشر شخصا ينحدرون من الأحياء الشعبية للعاصمة, كما أنها تخصصت في المسرح الجوال. ولم يأت اختيار الفنانين الصم البكم اعتباطا, إذ أن جدهم ومثابرتهم أكدا أنهم فنانون حقيقيون. والآخرون هم بهلوانيون ومحترفو المشي على العصي بمدرسة السيرك «شمسي». «الفريق متكامل, وكل واحد يعمل على إغناء الآخرين بطاقاته وخبراته». وأضاف الحسوني أن «الدولة وضعت ثقتها فينا لأننا حظينا بدعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لبناء «الخيمة» ابتداء من أكتوبر المقبل. وسيحط هذا الورش الثقافي الجوال الرحال في كل الأماكن المهمشة بمنطقة الرباط وسيعمل, طيلة ثلاثة أشهر, على تكوين المواهب وعلى خلق نشاط ثقافي مدر للدخل معها ولأجلها.