منذ أواخر 2008 وأوائل 2009 اختلفت الآراء حول الوضع الذي يعيشه قطاع العقار بالمغرب بين التفاؤل والتطمين ودق ناقوس الخطر. وأكدت وجهات نظر عودة القطاع الى سالف عهده انطلاقا من منتصف هذه السنة. في سياق هذا الحوار يقدم الأمين النجار المدير العام المساعد بمؤسسة القرض العقاري والسياحي والمكلف بقطب الاستغلال عددا من التوضيحات والقناعات الشخصية حول مجال العقار والسكن بالمغرب، والأولويات التي يجب أن تركز عليها مؤسسات القروض السكنية. ******************* س: كيف تصفون واقع العقار حاليا بعد الأزمة التي عرفها قبل أشهر؟ ج: أولا قطاع العقار بالمغرب طبعته في بداية 2009 سمة الانتظارية من لدن الزبناء لاقتناء شقق، حيث كانوا يتوقعون تسجيل تراجع أو انخفاض في الأثمنة. وأخذت هذه الظاهرة تسير نحو الاتساع مع مرور الوقت، لتعم مختلف الأوساط الاجتماعية. وما يمكن ملاحظته هو أنه باستثناء المساكن الفاخرة وفي بعض المدن لم يتم تسجيل أي انخفاض في أسعار الشقق. كما لم يشهد حجم العمليات العقارية تراجعا، والأكيد أن مستويات العمليات العقارية لم ترق بعد الى المستويات السابقة، لكن القطاع عموما يعرف نموا، وبذلك يمكن الحديث فقط عن بطء في وتيرة النمو، وليس أزمة، هذا لأن قطاع العقار بالمغرب يعد رافعة أساسية وحيوية في الاقتصاد الوطني. واليوم هناك حاجة ماسة للسكن، وحجم الطلب في تزايد، ويبقى الهاجس هو مواكبة العرض العقاري لطلبات الأسر، فإذا كان الفصل الأول من السنة الجارية محتشما، فمنذ أبريل بدأنا نلمس استعادة قطاع العقار لعافيته، حيث يشعر الفاعلون الاقتصاديون بانتعاشة القطاع وتحسن العمليات العقارية، ولهذا أشدد دائما على عدم الوقوع في الخطأ واعتبار قطاع السكن يتخبط في أزمة وإن كنا بعيدين عن المعدلات السابقة. وما يلاحظه المتدخلون هو تزايد العروض من طرف الطبقة المتوسطة خاصة منتوج الشقق والفيلات الاقتصادية، وكل المنتجات المرتبطة بالطبقة المتوسطة، وقدرصدت الحكومة كل طاقتها ومجهوداتها لدعم هذه الطلبات، وانخرطت الأبناك في المبادرة الحكومية «ضمان سكن» لإعادة الانتعاش للقطاع، والمبادرة تشق طريقها لكن لايجب أن ننتظر المعجزة من البداية، والحصيلة الإيجابية لهذه المبادرة ستأتي مع الوقت، على غرار ماحصل مع فوغاريم، حيث كانت الأرقام محتشمة في البداية وبعد ذلك بدأت تمويلات القروض ترتفع. ويبقى الأهم تغطية طلبات الزبناء الراغبين في الحصول على شقق عبر مبادرة «ضمان سكن». وفي تقديري يبقى قطاع العقار واعدا، وثقة الفاعلين لايمكن أن تهتزأ وتتزعزع اتجاهه. س: هل كان هناك توجه نحو تقديم عروض خاصة للحفاظ على دينامية طبيعية للعمليات العقارية؟ ج: مايميز العقار هو التنافس، لذلك لايمكن أن نقدم عروضا متميزة أو خاصة، وما يجب فعله الآن على مستوى الولوج إلى قروض السكن هو ضمان خدمات عالية الجودة، فالشق الأساسي في العملية العقارية عموما ومنح قروض السكن على الخصوص هو سرعة الخدمات وجودتها، لأن هذا يحقق إرضاء للزبناء ويساعدهم في اتخاذ القرار. ويمكن تصور ردة فعل الزبناء حين يهيئون الملف في فترة محدودة ويضطرون للانتظار أسابيع للحصول على رد الأبناك، لاشك أن هذا ستكون له انعكاسات غير مرغوبة على مستوى إقبال الزبناء على قروض السكن. وعموما فإن المساطر التي تباشرها الأبناك والمعنية بالجودة والدقة والسرعة هي تحرير العقود. فعندما يعبر أشخاص عن رغبتهم في الحصول على قروض سكنية تطالبهم الأبناك بعدد من الوثائق المتعلقة بالمداخيل، أو المتعلقة بشروط إتمام العملية العقارية، وعندما يكون الملف سليما وكاملا، ويعطي البنك بموجب ذلك موافقته على العملية، عندئذ يصبح الأهم إنجاز العقدة، أي تحريرها، في أسرع وقت حتى يتوصل الزبون أو البائع بقيمة العرض في الوقت المطلوب، وأنا أفضل دوما إبرام العملية تحت إشراف الموثق لإضفاء المصداقية على المعاملة العقارية وضمان سلامتها القانونية، وأعتقد أن هذا التوضيح كان ضروريا، لأن الأجل بين الموافقة على الملف وتسليم العرض لحصول الزبون على قيمة العرض لاقتناء شقة أساسي، وهو ما نضعه نصب أعيننا لتقديم خدمة في مستوى عال. س: ألم يكن لارتفاع الأسعار انعكاس على إقبال الزبناء على قروض السكن؟ ج: فيما يخص مجال العقار، فمن الضروري أن تتم الصفقات العقارية وفق معادلة ربحية لكل الأطراف، وهذا يعني خضوع العمليات العقارية لقواعد طبيعية دون مغالاة أو مبالغة، وأعتقد أننا بصدد العودة إلى المستويات المعقولة والطبيعية. وقد لاحظ الجميع أن الأسواق كانت ملتهبة في السابق، حيث بلغت الأسعار مستويات جنونية وغير مفهومة. ومايجب إدراكه وتوضيحه لكافة المتدخلين والمعنيين أن ثمن العقار ينعكس بشكل كبير ومباشر على أسعار المنتوجات السكنية، لأن الهدف دائما هو ضمان مردودية المشاريع كيفما كان نوعها. وبالتالي إذا استقرت أثمان العقار في حدود معقولة فإن المعروضات بدورها ستكون في متناول الشرائح المجتمعية المستهدفة بها. وأرجح أن تسير الأسعار نحو الاستقرار، خاصة وأن الدولة رصدت مؤخرا مساحات هامة من العقار لفائدة المنعشين العقاريين. س: ماهي النقطة الأساس التي تركز عليها الأبناك لمنح قروض السكن؟ ج: مايجب تأكيده هو أن هاجس الأبناك هو قابلية الزبون لتسديد الأقساط الشهرية، والحرص على ألا تشكل عبئا ماديا قد ينجم عنه توقف عن استرداد المبالغ، وهذا هو المسار المنطقي والطبيعي، لأن عدم انتظام تسديد الأقساط يعني صعوبة الأبناك في مواصلة تمويل قروض السكن. وهذا الاتجاه يهم أيضا قروض السكن المسلمة في إطار فوغاريم والذي يعد القرض العقاري والسياحي رائدا فيه، بالرغم من أن قروض فوغاريم التي تعني المستفيدين الذين لا يستطيعون إثبات مداخيلهم تضمنها الدولة. س: كيف هي طبيعة العلاقة بين القرض العقاري والسياحي والزبناء؟ ج : العلاقة بين الزبناء ومؤسسات القروض السكنية يجب أن تكون عموما مميزة. وبما أن السؤال يخص مؤسسة القرض العقاري والسياحي فإن العلاقة مع زبنائها مميزة، فنحن نحرص على الفعالية والدقة والسرعة في معالجة ملفات العروض، وهذا لاينفي وجود ملاحظات وشكايات من حين لآخر، نضعها على بساط المناقشة قصد معالجتها وتقويم مايتعلق بمضامينها. وإجمالا فإن القرض العقاري والسياحي كمؤسسة مختصة في قروض السكن يحرص على أن يكون قريبا من الزبناء حتى تستجيب كل خدماته لطبيعة حاجياتهم. وهذا التوجه ينطبق أيضا على علاقتنا مع الفاعلين الاقتصاديين حيث تربطنا معهم كذلك علاقات جيدة، بحيث نشتغل معهم بشكل وثيق ومكثف وفي تنسيق دائم، وفي مناخ من الثقة المتبادلة.