حقائق واعتبارات لفهم المزاج العسكري المتقلب والعدواني لنظام الجارة الشرقية العلم الإلكترونية: رشيد زمهوط تلويح الجارة الجزائر بإنشاء قاعدة عسكرية على حدودها الغربية المطلة على المغرب كرد فعل سريع على خطوة مماثلة مفترضة بالجانب الآخر من الشريط الحدودي المشترك، وتسويق الجنرالات لهذا التهديد المبطن والتحدي العسكري المغلف بالكثير من بهارات الاستفزاز عبر الأدرع الإعلامية المعهودة، خطوة مكشوفة ومنتظرة من نظام الجنرالات الذي لا يفوت منذ فترة أية فرصة لإبراز والجهر بعدائه المستحكم نحو المغرب وبجميع التعبيرات الممكنة والمتاحة . رئيس أركان الجيش الجزائري بالنيابة، اللواء السعيد شنقريحة وأسابيع قليلة بعد مناوراته العسكرية بالصواريخ غير بعيد عن الجدار الدفاعي المغربي بالصحراء المغربية، عاد قبل أيام ليستعرض عضلات قواته الجوية و البرية و البحرية بقاعدة ارزيو ضواحي وهران شمال غرب الجزائر عبر تمرين تكتيكي بالذخيرة الحية بعنوان "الدرع 2020 " تقول وزارة الدفاع الجزائرية نفسها أنه يندرج في إطار اختتام برنامج التحضير القتالي للسنة الجارية . …تحضير لقتال من ولماذا؟؟؟ هو السؤال الجوهري الذي يثير فضول المتتبعين والذي يجد مشروعيته في ظل إصرار جنرالات الجارة الشرقية للمملكة على تبني سلوكات و مواقف التصعيد المجاني.. في الرباط لم يكف تأكيد مؤسسة الجيش المغربي على أن الثكنة العسكرية التي يعتزم تشييدها قرب الحدود مع الجزائر ستخصص لإيواء الجنود فقط لكبح اندفاع نظام الجارة التي سارعت الى "الرد بالمثل" حتى قبل التحقق من صحة النوايا العدوانية لجيرانها . والغريب أنه عوض التيقن من أغراض المشروع العسكري الاسكاني الذي وقع رئيس الحكومة المغربي في 21 مايو، مرسوم بناء ثكنته على مساحة 23 هكتارا ضواحي مدينة جرادة سارعت الصحف المقربة من الجنرالات بالجزائر الى وصف المشروع المغربي الذي تؤكد المعطيات الميدانية أنه يستحيل منطقيا و عمليا أن يتحول الى قاعدة عسكرية، إلى اتهام الرباط بالانتقال من مرحلة الاستفزازات إلى مرحلة "التهديد العسكري" و"النوايا العدوانية" بل و تمادت نفس الادرع المأجورة الى وصف المشروع العسكري الهلامي بالمسخر و المسير من طرف إسرائيليين، والمزود بأحدث الأسلحة العسكرية والإلكترونية الأكثر تطورا عبر العالم… …واقع الحال الذي يمكن أن يعاينه أي عابر سبيل للمنطقة التي تجزم الجزائر بأنها ستتحول إلى قاعدة عسكرية بالقرب من جرادة أنها محاطة بالأدغال الغابوية ويستحيل اجرائيا و تقنيا أن تحط بها طائرة كيفما كان طرازها بالنظر الى وضعها الطبغرافي المغلق و تضاريسها الغابوية التي تحجب مجال الرؤية محليا فبالأحرى تسعف لتحضير هجومات " عدوانية " تستهدف التراب الجزائري البعيد بزهاء 40 كلم . …العارفون بخبايا المطبخ الداخلي الجزائري، يجزمون أن خطوات التصعيد والاستفزاز الجزائرية المسترسلة والمتعددة تجاه المغرب خلال الأشهر الأخيرة، لا تعكس بالضرورة نية وسعي جنرالات قصر المرادية بالدخول في مواجهة عسكرية مع المغرب لاعتبارات جيوسياسية واستراتيجية متعددة و متشابكة، بقدر ما تنبىء بدرجة الاحتقان السياسي والغليان الاجتماعي والاقتصادي، وكذا مستوى التطاحنات الداخلية وحروب المواقع المشتعلة بداخل أعلى مواقع الهرم العسكري للنظام الجزائري مما يبرر لجوء أقطاب ورموز هذا النظام المهتز إلى انتهاج خطة تحويل الأنظار و تركيز اهتمامات الرأي العام الجزائري نحو أهداف خارجية بعد تصويرها و تسويقها كجهات معادية للأمن و الاستقرار الداخلي ببلاد المليون و نصف مليون شهيد . وما يقوي صحة هذه الفرضية، هو تزامن هذا التصعيد الميداني الجزائري في تجلياته الدبلوماسية والعسكرية والإعلامية مع مستجدات المحاكمات التي تطال أقطاب نظام بوتفليقة وإصرار الرئيس الحالي عبد المجيد تبون على تحييدهم تباعا و سجنهم بعد تبديد رصيدهم الوظيفي و الشعبي. ففي عز حملة الاستفزاز الموجهة للرباط، أدان القضاء العسكري في الجزائر قبل أيام فقط اللواء واسيني بوعزة مدير جهاز المخابرات الداخلية السابق، وحكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات سجنا نافذة ضمن مسلسل محاكمات انطلق في غمرة الانقلاب الأبيض على بوتفليقة و لم تنتهي فصوله بعد . و في اليوم نفسه، نقل الإعلام الجزائري بالكثير من التركيز والاهتمام صور رئيس الوزراء الجزائري الأسبق أحمد أويحيى وهو يتابع مراسيم جنازة شقيقه مصفدا ومحاطا بفريق كامل من الجنود يمعن في إذلاله، في رسالة موجهة للجزائريين مفادها أن لا أحد مهما بلغت درجة مسؤوليته و تأثيره بالجزائر قادر على التصدي لقرارات وأجندة القيادة العسكرية النافذة التي يمكنها في أي وقت أن تضحي بأغلى وأكفىء رجالاتها حين تشعر أن مصالحها و أجنداتها الداخلية والخارجية تتعرض للمس أو مجرد التعريض و النقد.. ضمن هذه السياقات وعبر هذه الخلفيات، يتعين فهم والتعامل مع تقلبات مزاج قادة المرادية الفعليين وتوالي منزلقاتهم و سلوكاتهم الشاذة والعصية على التبرير المعقول والمنطقي.