اعتبر الأخ حميد شباط عمدة مدينة فاس وعضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال موضوع الشباب ومسألة تدبير الشأن المحلي من بين المواضيع التي طرحت إشكالات عميقة الدلالات بالساحة السياسية في الفترة الأخيرة. وقال شباط خلال عرض له أمام المشاركين ضمن فعاليات الملتقى الوطني الأول للحوار التلمذي الذي تنظمة الشبيبة المدرسية إن العلاقة بين الشباب ومسألة تدبير الشأن المحلي هي علاقة جدلية رهينة بمدى قابلية الشباب للتفاعل مع مسألة الشأن المحلي. فالشباب المقبل على المشاركة السياسية هو بالضرورة مؤهل للمساهمة في تدبير الشأن المحلي. وأضاف حميد شباط أن حزب الاستقلال منذ تأسيسه على يد زعماء التحرير تقوّى بسواعد الشباب المجاهد والمشارك في العملية السياسية، وظل يناضل من أجل إشراك الشباب في بناء هياكله وتحديد مسار مستقبله لأن هؤلاء هم من سيتحملون مسؤولية حمل مشعل الحزب في المستقبل. وأشار إلى أن سبب منح حزب الاستقلال الأولوية للشباب وفتح المجال لهم من أجل المشاركة في تدبير الشأن المحلي، يرجع بالأساس إلى إيمان قيادته بكفاءة الشباب الاستقلالي وقدرته على المساهمة الفعالة في إدارة الشأن المحلي بالمنطقة التي ينتمون إليها. وذكر حميد شباط أن أسباب عزوف الشباب عن المشاركة في تدبير الشأن المحلي له عوامل مرتبطة بالجانب البشري وكذا التشريعي، حيث أن فساد العابثين بمصالح الناس شكلت صورة سودوية لدى الشباب المغربي اتجاه عملية تدبير الشأن المحلي، كما أن ضعف وقلة البنيات التحتية وصعوبة المساطر وسيطرة جهات بعينها على المجالس الجماعية حال في أحايين عديدة دون أن يثق المواطنون بمن فيهم الشباب في هذه المجالس. وأشار عمدة مدينة فاس إلى المعيقات التي تعترض مدبري الشأن المحلي في عملية تسييرهم للجماعات المحلية من بينها ضعف ميزانية التسيير التي تعتمد على ثلاثة أنواع من المداخيل من بينها 30% من نسبة الضريبة على القيمة المضافة ومداخيل الجماعة الذاتية التي تتم عبر القباضة البلدية ثم المداخيل المحولة عن طريق الديون. وهي غير كافية لتسيير جماعات عديدة خصوصا إذا كانت تلك الجماعات لا تتوفر على وعاءات مالية تذّخر منها مداخيلها الذاتية وهو الشيء الذي تعاني منه كثيراً الجماعات القروية. وفي نفس السياق ذكر حميد شباط في عرضه الذي أداره وسيره المدير التربوي للملتقى محمد كريش أن التعديلات الجديدة التي يرتقب أن تضاف إلى الميثاق الجماعي هي تعديلات لا تخدم تطلعات الحزبيين الغيورين على هذا الوطن لأنها بكل بساطة لاتدفع بعملية مشاركة الشعب في تدبير شؤونه المحلية. وتأسف شباط للثقافة المتدنية التي يروج لها البعض ممن يفضلون السباحة في الماء العكر حيث يدفعون إلى تدني مستوى معرفة المواطن بالدور المنوط به للجماعات المحلية. ودعا فعاليات المجتمع المدني إلى المزيد من العمل وتأطير المواطنين في هذا الصدد ومحاربة العابثين بأفكار العامة والذين يعملون ليل نهار من أجل تقتيم نظرة المواطن اتجاه السياسة والفعل الديمقراطي لأغراض معينة، تخدم مصالحهم. وخلال رده على مجموعة من الأسئلة والمداخلات التي تفضل بها المشاركون خلال ملتقى الشبيبة المدرسية، من ضمنها إشكالية التراجع المهول الذي تعرفه نسبة مشاركة الشباب في السياسة، أشار عمدة فاس إلى أن السبب في ذلك يعود إلى تبني موضات سياسية جديدة مدعومة من جهات أجنبية لخطاب الأزمة والظهور بمظهر الفضيلة المقنعة، وكذا عدم تخليق الحياة العامة المرتبط بالحكامة الجيدة وكذا التراجع عن دور الأحزاب السياسية في بناء المجتمع وتأطير الشباب. وهي أسباب جعلت الشباب يفقد ثقته في كل ماله علاقة بالمجال السياسي، فالشباب المغربي متطلع لعمل سياسي نزيه ولتعاون جاد بين كل مكونات الفعل السياسي من أجل إعادة الثقة لديه حتى يساهم في بناء مستقبل بلده من خلال مشاركته في تدبير الشأن المحلي. وليست المسؤولية مقتصرة على الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والدولة، بل إن الشباب المغربي هو معني بالدرجة الأولى بهذه التحولات التي من شأنها أن تعيد الثقة لديه،إذ ينتظر منه أن يقاطع كل سماسرة العمل السياسي والمرتشين والعابثين بالشأن المحلي والدخلاء الذين لا شغل لديهم سوى إحباط كل مبادرات المسار التنموي بالبلاد.