البعد الحقوقي في تدبير جائحة كورونا بالمغرب بقلم // رضوان وحيدي قبل بسط عناصر الجواب على هذا السؤال الكبير وفي هذا الوقت الحرج والدقيق من انتشار فيروس كورونا المستجد ببلادنا وفي وقت يصعب فيه حقيقة الحديث عن أي نوع من التقييم لمختلف التدابير المتخذة للحد من العدوى، لا بد من للتذكير إلى أن الانتشار السريع المضطرد لكوفيد 19 عبر العالم أربك إدارة الأزمة لدى معظم بلدان المعمور بما فيها الدول الكبرى اقتصاديا وديمقراطيا كالولايات المتحدةالأمريكية، وأوروبا وبدرجة أقل جمهورية الصين الشعبية من حيث انطلقت أخطر كارثة إنسانية عالمية بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، كذلك لابد من التأكيد على أن العديد من الدول ظلت تتخبط في كيفات مجاراة الوضع بين حماية المال والأعمال وعافية الإقتصاد، والحفاظ على أرواح وسلامة مواطنيها من الجائحة القاتلة، فضلا عما تم تداوله في الفضاء الأزرق من تطبيق تعسفي لقوانين حظر التجول وفرض الحجر الصحي. دعونا نعود إلى المغرب في محاولة للإجابة عن السؤال الحقوقي في تدبير تداعيات الأزمة الصحية العالمية خاصة في شقها الإقتصادي والاجتماعي منذ بداية شهر مارس الماضي تاريخ ظهور أول حالة إصابة مؤكدة بالفيروس؟؟؟ الواقع وبشهادات دولية، فقد بدت المملكة المغربية ، ملكا وحكومة وشعبا ومجتمعا مدنيا أكثر استعدادا وتأهبا للوباء منذ اجتياحه الصين الشعبية، وبعد انتقال المرض إلى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا انتقلت معه درجات الحيطة واليقظة إلى مستويات أعلى تبلورت في اتخاذ حملة من الإجراءات الإستباقية بتعليمات ملكية سامية شكرا كل مناحي الحياة في احترام للمقتضيات الدستورية واستحضار المصالح العليا للوطن والمواطنين وفي بدايتها الحق في الحياة كأسمى حقوق الإنسان وأقواها، الفصل 20 والفصل21 وهنا تم تفضيل سلامة الأرواح والأبدان على صحة الاقتصاد والمال والتصدير والتجارة البينية….. وهذا الذي كان المغرب حاسما فيه منذ البداية بخلاف أقطار أخرى، وهكذا أعلن جلالة الملك محمد السادس عن اتخاذ مجموعة من القرارات الإستراتيجية الاستباقية للحد من انتشار كورونا منها إغلاق الحدود الجوية و البحرية والبرية ثم القرار الإخترازي للتقليل من التجمعات ويهم قرار أمير المؤمنين بإغلاق المساجد رغم مكانتها الروحية والعقدية ثم المؤسسات التعليمية والمراكز التجارية والحرفية والصناعية والملاعب وفضاءات الترفيه،،،، ويظل القرار الأصعب والصارم في الحد من الانتشار المتسارع ، فرض حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي وهو الذي شكل مصدر احتكاك وتفاعل مباشر خاصة في البداية بين المواطن والسلطات العمومية والأمنية تخللته بعض الصدامات والاعتداءات على رجال السلطة وتم اعتقال المعتدين ومتابعتهم تحت إشراف النيابة العامة ووفق للمقتضيات القانونية خاصة مرسوم قانون الطوارئ الصحية 2.20.292 وكذا القانون الجنائي حسب طبيعة المخالفات. وهنا ايضا ورغم حالة الطوارئ تم استحضار البعد الحقوقي في الموضوع، تجليات عديدة متعددة الأبعاد في المقاربة الحقوقية .الإنسانية التضامنية في التعاطي مع الجائحة أبرزها، تمكين العموم من المعلومة تفعيلا للفصل 27 من الدستور من خلال اللقاءات الصحفية حول الرصد الوبائي بشفافية ووضوح خلافا لبلدان أخرى، تيسير ولوج المرضى للعلاج بالمجان وتوفير الرعاية الطبية اللازمة خلافا لدول أخرى، ونتيجة فرض الطوارئ الصحية وتوقف العديد من العمال عن الشغل وتضرر المستخدمين في القطاع غير المهيكل ولدعم الأسر المعوزة تم تخصيص مبالغ مالية تضمن بعضا من الكرامة للمواطن من صندوق تدبير الوباء، كما عملت السلطات المعنية على ضمان حقوق المقاولات ودعمهم لمواجهة التحديات الاقتصادية من خلال رزمة تدابير، دون أن نغفل مجهودات توفير الغذاء والدواء والكهرباء والماء وكل الأساسيات بالإضافة إلى الكمامات وتقوية عمليات التطهير والتعقيم والنظافة للحفاظ على السلامة والحق في بيئة نظيفة، وكذا الضرب على أيدي الغشاشين والمضاربين والمفسدين، ومن تمظهرات احترام حقوق الإنسان زمن انتشار الوباء الاهتمام بالمتشردين والافارقة والسوريين وايواؤهم والسهر على سلامتهم من الإصابة بالفيروس أو نقله إلى الآخرين ، كما تعبأ المتدخلون لحماية المسنين وتقوية رعايتهم في مثل هذه الحالات الصحية الخاصة. هذه بعض التدابير التي تجلت فيها المقاربة الإنسانية والحقوقية في التعاطي مع كارثة صحية نوعية وغير مسبوقة، والتي أظهرت من جهة أخرى الحاجة إلى إعادة النظر في حقوق أخرى، كالسكن اللائق والكهرباء والربط بالانترنيت بالبوادي ومعالجة الحق في الشغل الكريم …… ومع كل ذلك يبقى المغرب من البلدان القليلة عالميا التي أحسنت التعامل مع فيروس كورونا في كل الأبعاد.