ربما من بين الزيجات التي تعقد في مواسم الزواج والصيف أهم هذه المواسم تكون زيجة من خمسة زواجا ثانيا.. الكلام لعدل أمامه حجج ووقائع تؤكد هذا الواقع... لكن هل تعي كل فتاة أقدمت على مثل هذا الارتباط أنها تهدم ولا تبني. لأن كان الزواج يمثل استقرارا عاطفيا ونفسيا واجتماعيا لكلا الطرفين (رجل وامرأة) ومن خلاله تنشأ الخلية الأولى والأساسية (الأسرة) لتشكيل ورفد المجتمع بأناس صحيحي الجسم والروح والفكر، وهذا ما شرعته كل الأديان والأعراف الاجتماعية، فبالزواج يتم ضبط المشاعر والانفعالات وتهذيب الخلق من حيث الالتزام الزوجي والأسري ومن ثم الاجتماعي. ولكن ولظروف معينة، ارتأى التشريع الاسلامي امكانية الجمع بين أكثر من زوجة، وذلك لأسباب ودوافع كانت موجودة آنذاك، وبعضها مازال قائما (كالعقم) من الأسباب الداعية لزواج آخر، وهذه موجبات موضوعية بعضها لأحقية أحد الزوجين بثمرات زواجه الطبيعية (الأطفال). لكن، وللأسف الشديد تم ويتم استخدام هذا التشريع لأغراض وموجبات ذاتية بحتة من قبل الرجل تحديدا مستغلا ربما ظرفه المادي الذي يسمح له بتعدد الزوجات حتى لو لم يكن هناك داع، أو لأن الزوجة الأولي وبسبب متاعبها الأسرية من حمل وانجاب وعناية بالأسرة قد فقدت بريقها وحيويتها، وبالتالي لم تعد تليق بالزوج الذي يسعى لأخرى تعطيه ما يريد، وعندما تسأل الزوج الذي يسعى لأخرى تعطيه ما يريد، وعندما تسأل الزوجة عن مبررات هذا الزواج يبادرها بالقول: أن الشرع قد حلل له أربعا، فلماذا لا يفعل ما حلل له طالما أنه قادر على واجبات أكثر من زوجة...؟ إنه منطق غير سليم أخلاقيا، لأن الزواج الثاني يدمر الخلية الأسرية برمتها (زوجة - أطفال) إضافة الى توابع العلاقات الاجتماعية والعائلية والمرتبطة به، وبالتالي يلحق بالمجتمع أفظع الضرر من حيث تشتت الأسرة والأولاد، الذين قد يدفع بهم للضياع والأذى النفسي والاجتماعي، وإلحاق الدمار النفسي بالزوجة الأولى التي بدأت مع شريك حياتها مسيرتهما الكفاحية التي أوصلته ربما لتلك البحبوحة التي سمحت له بالزواج الثاني. إزاء هذه المشكلة الاجتماعية والأخلاقية ضبط المشرع تلك التشريعات، بحيث لا تبقى فضفاضة، فيتم استغلالها بشكل سلبي ومدمر، لم يعد يسمح بزواج ثان ما لم توافق الزوجة الأولى أو يتم اخبارها، غير أننا نجد العكس، فكثير من الأحيان توضع الزوجة أمام الحقيقة المرة والأمر الواقع الذي لا مهرب منه... والقبول به من أجل الحفاظ على أسرتها وبيتها. من هنا، فالمسؤولية الكبرى تقع على المرأة نفسها لأنها تحارب ذاتها بقبول مثل هذا زواج، فلو التزمت كل فتاة الرفض المطلق لزواج ثان ودون مبرر لما كانت هناك مشكلة. قد يقول البعض: وهل تبقى الفتاة دون زواج؟ خصوصا إذا لم يتقدم لها غير متزوج أو كما قال أحدهم: إنه يقدم فرصة للعانس لتتزوج، فيخلصها من حالتها الاجتماعية تلك خصوصا وأن الشباب يستنكفون عن الزواج لظروف مادية بحتة (الازمة الاقتصادية والبطالة و ارتفاع تكاليف الزواج). لكن هذا المنطق مرفوض لأنه يضاعف الضرر الاجتماعي والأخلاقي بسبب أهداف الزواج الثاني، ولأنه لو وافقت الفتاة على شاب عازب تبدأ حياتها معه بظروف معقولة ومقبولة وضمن امكانياته المتاحة، لا سيما ان كانت منتجة لما اضطرت للبقاء حتى تصبح عانسا ولا تجد فرصتها الا في أن تكون الثانية. لكن ما فائدة هذا القول إذا كانت الفتاة تقبل برجل متزوج وهي تقول.. زوجة ثانية وماذا بعد؟!