شهد موقع «»البنيان»», (22 كلم جنوب شرق طنجة), أبحاثا أركيولوجية متقدمة للكشف عن أطلال يرجح أنها تعود لحصن عسكري روماني بني في القرن الثالث ميلادي. واشرف فريق من علماء الآثار وطلبة ماستر الأركيولوجيا الكلاسيكية بجامعة عبد المالك السعدي على هذه الأبحاث الأثرية التي تعد الأولى من نوعها بهذا الموقع الذي اكتشف لأول مرة سنة 1876 من طرف عالم الآثار الفرنسي المهتم بالتاريخ الروماني لإفريقيا شارل تيسو. وفي سنة 1955 قام عالم الآثار ميغيل تاراديل بزيارات متكررة للموقع إذ رجح بناء على معايناته أن يكون هذا الموقع قد بني في القرن الثالث ميلادي ليشكل إحدى حلقات المواقع العسكرية التي بناها الرومان لحماية مدينة «»تينجيس»» (طنجة حاليا). وتشير النتائج الأولية التي يقوم بها الفريق المغربي حاليا بالموقع إلى وجود آثار تعود إلى القرن الأول ميلادي متكونة من بعض المصنوعات الخزفية ما يرجح أن يكون استيطان الموقع قد تم في هذا التاريخ قبل تحويله إلى حصن عسكري في القرن الثالث ميلادي. وأبرز الأستاذ محمد حبيبي مدير الأبحاث بالموقع الذي يوجد بمحاذاة الطريق الوطنية رقم2 بين طنجة وتطوان, أن هذه الآثار تضم أطلالا بادية للعيان من بينها بناية وبعض الأحواض ما يشير إلى وجود استيطان سابق للحصن العسكري. واستدرك السيد حبيبي أن التنقيب الأثري بالموقع وحده الكفيل بتقديم معلومات وافية حول تاريخ موقع «»البنيان»» ونمط استيطانه ودوره في حماية الوجود الروماني بشبه الجزيرة الطنجية. واعتبر أن الأبحاث الحالية التي تتم بشراكة بين ماستر الأركيولوجيا الكلاسيكية والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث قد تشكل نقطة بداية للانخراط في برنامج واسع للكشف عن الآثار العسكرية الرومانية بجهة طنجة تطوان التي تضم عددا من المواقع المشابهة كالغندوري وتامودة والسوير. وتهدف هذه الأبحاث إلى تنظيف الموقع ووضع علامات التحديد وإنجاز جذاذة طوبوغرافية للأطلال البادية بالموقع ومحيطه, والشروع في التنقيب انطلاقا من جهته الجنوبية. وترى مجموعة البحث بالموقع أن ترميم هذه المواقع التاريخية العسكرية الرومانية بشمال المغرب مستقبلا يمكن أن يساهم في إحداث مدار سياحي موضوعاتي ينطلق من موقع تمودة (في طور الترميم قرب تطوان) إلى البنيان والسوير والغندوري (نواحي طنجة) ثم موقع طابيرني (بين العرائش وأصيلة).